والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين.
أيها السادة الأفاضل، أيتها السيدات الفاضلات، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
حديثي إليكم اليوم عن قوله تعالى “ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذريَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ –(8)، سورة غافر.
أورد الشيخ القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن “أنَّ حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورءوسهم قد خرقت العرش، وهم خشوعٌ لا يرفعون طرَفَهم، وهم أشراف الملائكة وأفضلهم
وجاء في الحديث: “أنَّ الله تبارك وتعالى أمر جميع الملائكة أن يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة العرش تفضيلا لهم على سائر الملائكة.
وقيل : حول العرش سبعون ألف صف من الملائكة يطوفون به مهللين مكبرين، ومن ورائهم سبعون ألف صف قيام، قد وضعوا أيديهم على عواتقهم، ورافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير، ومن ورائهم مائة ألف صف، وقد وضعوا الأيمان على الشمائل، ما منهم أحد إلا وهو يسبح بما لا يسبح به الآخر.
عن جابر بن عبد الله الأنصاري , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسير سبعمائة عام” ذكره البيهقي
وأما قوله تعالى : “وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا”
فقد قال فيه إبراهيم : “وكانوا يقولون لا يحجبون الاستغفار عن أحد من أهل القبلة . وقال مطرف بن عبد الله : وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة , ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشيطان ، وتلا هذه الآية .
وقال يحيى بن معاذ الرازي لأصحابه في هذه الآية : افهموها فما في العالم جنة أرجى منها ; إن ملكا واحدا لو سأل الله أن يغفر لجميع المؤمنين لغفر لهم , كيف وجميع الملائكة وحملة العرش يستغفرون للمؤمنين . وقال خلف بن هشام البزار القارئ : كنت أقرأ على سليم بن عيسى فلما بلغت : ” ويستغفرون للذين آمنوا ” بكى ثم قال : يا خلف ما أكرم المؤمن على الله نائما على فراشه والملائكة يستغفرون له
ثم يقولون ” ربنا “وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا” أي من الشرك والمعاصي
“وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ” أي دين الإسلام “وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ” أي اصرفه عنهم حتى لا يصل إليهم .
وأما قوله تعالى : “رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ
وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ”
فقد قال فيه سعيد بن جبير : يدخل الرجل الجنة , فيقول : يا رب أين أبي وجدي وأمي ؟ وأين ولدي وولد ولدي ؟ وأين زوجاتي ؟ فيقال إنهم لم يعملوا كعملك ; فيقول : يا رب كنت أعمل لي ولهم ; فيقال أدخلوهم الجنة . ثم تلا : ” الذين يحملون العرش ومن حوله ” إلى قوله : ” ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ” . ويقرب من هذه الآية قوله : ” والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ” [ الطور : 21 )
وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من عسرت عليه حاجته فليكثر من الصلاة علي، فانها تكشف الهموم والغموم والكروب وتكثر الأرزاق وتقضي الحوائج”
اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه من القول والعمل،
اللهم خلصنا من التسويف والفتور والكسل، اللهم إناَّ نسألك لا تغضب علينا، الهم عطّف قلب رسول الله علينا، اللهم لا تحرمنا من شفاعته فينا،
يا عالم الأسرار، يا مقلب القلوب، يا نور النور، يا حي يا قيوم، يا بديع السموات والأرض، استرنا واحفظنا يوم العرض، يا صاحب اللطف الخفي، انظر إلينا بعين رحمتك يا ارحم الراحمين يا رب العالمين
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.