والصّلاة والسّلام على سيّدنا مُحمّدٍ، خَير مَنْ أمَرنا بالصَالِحَات ورغَّب فيها، وعلى آلِه وصحابته الذين فازوا بالدرجات والـقُــرُباتِ وَسَعَوْا إلَيْهَا، إلى يوم الـمِيقات.
1- جَاءَ في رِسَالَةِ ابنِ أَبِي زيدٍ القيرواني: “يَجب على الـمُؤمن أنْ يستغفرَ أيْ يَطلب الـمَغفرةَ لأبوَيْهِ الـمُؤمنينَ لقوله تعالى:” وَقُلْ رَبِّ ارحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”. وَجَاء في الحاشية (قَوله أيْ يَطلب الـمَغفرة) فالسين والتاء للطَّلب، قال الشيخ يوسف بن عمر: “ظَاهرُها بَعدَ الـمَوت وإن كان يَستغفر لَهما في حياتِهما وبَعد مَماتِهما وَقَد قَالَ الله تعالى:” وَقُلْ رَبِّ ارحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”.
2- ووردَ في التتمّة : “يُستحبُّ التصدّقُ عَلَى الوَالدين ويَنتفعان بِها كَمَا يَنتفعان بالدعاء، وَرَجُحَ أنَّهُ يُنتَفَعُ بالقراءة وَقَعت على قبره أو على غَيرِه فَتَصحُّ الإجارة عليها وتَلزَم”. انتهى من كتاب الرّسالة الجزء الثاني صفحة 392.
3- وجاء في كتاب يسأ لونك في الدّين والحياة ما نَصُّهُ: “يَرَى فريقٌ من فقهاء المسلمين أنَّ ثوابَ العبادات يصل إلى الـميِّتِ بفضلِ الله ورحمته، إذَا أَهدى القائم بِهذه العبادات ثوابَهَا إلى الميت، سواءٌ كَانَ القائم بِها من أهل الـمَيِّتِ أو من غَيرِه. وَقَد قَال الإمام ابن تيمية وهو من أئمة المذهب الحنبلي: “إنَّ الـميِّتَ يَنتفع بقراءة القرآن كما ينتفع بالعبادات الـمَاليّة من الصدقة ونَحوها”. وقال تلميذه الإمام ابن القيّم: “أَفضلُ مَا يُهدَى إلى الـميِّتِ الصَّدقَةُ والاستغفار والدّعاء له والحجّ عنه. وقد استدل الفقهاء على هذا بأنَّ أحدَ الصحابة سأل رسول الله عليه الصّلاة السّلام، فقال له : “يَا رسولَ الله، إنّا نَتَصدّق عن مَوتانَا، ونَحجُّ عَنهُم وَنَدعو لَهم، هَل يصل ذلك إليهم ؟ قَالَ: نَعَم، إنَّه ليصل إليهم وإنَّهم لَيَفرحون به كَمَا يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه”. والـمُرَادُ بالطبق هنا الهدية التي تُهدى.
4- وَكَذَلك قال رجل لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “يَا رَسولَ الله إنَّ أُمِّي تُوفِّيَتْ أَيَنفَعُهَا إن تَصدقتُ عنها ؟ قال: “نعم”. وَكَانَ عند هذا الرجل بستانٌ فَتَصَدَّقَ به عَن أمِّه.
5- وَكَذلك الدعاء يَصل ثوابه للميت، والإسلام قد شَرعَ الصلاةَ على الميت وهذه الصلاة تتضمن دعاءً للميت ولقد جاء في أحد الأحاديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم : “إذَا صَلََّيتم عَلَى الـمَيِّت فأخلصوا له الدعاءَ، وَلَقَد جَاءَ رَجلٌ إلى رسولِ الله صلى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ وقال له : “يَا رَسول الله، كَانَ لِي أَبوَان أَبُرُّهُمَا حَالَ حَياتِهمَا، فَكَيفَ لِي بِبِرِّهِمَا بعد مَماتِهمَا؟ فَقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : “إنَّ من البرّ بَعدَ الـمَوت أنْ تُصَلِّي لَهُمَا مَعَ صَلاَتِكَ وتصوم لهما مع صومكَ”. فإنْ قيلَ إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد قال: “لا يصومُ أحدٌ عن أحدٍ، وَلاَ يُصَلِّي أَحدٌ عن أَحد”. فَالجواب على ذلك هو أنَّ هذا الحديث يَتَكلَّم عَن الصوم الـمَفروض والصلاة المفروضة لأنَّ كُلَّ إنسانٍ مُطَالَبٌ بالفُروضِ مَتَى كَانَ قادرًا عَليها، وَلكن مَن تَبَرَّعَ وَتَطوَّعَ وَصلَّى أو حَجَّ عَن شخص آخرَ وَوَهَبَ مَا فَعله لشخص آخر فإن ثواب عمله يصل بفضل الله إلى مَن أَهدَى إليه. الجزء الأول صفحة 442.
6- وَجَاءَ في كتاب أَقْرَبِ الـمَسالك، ما نصه : “وَيَجب الدعاء لهما، قال تعالى:” وَقُلْ رَبِّ ارحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”. أي أَنعِمْ عَلَيهما ومِن جُملته (أَيْ الإنعام) غَفْر الذنب. وَيُستَحَبُّ التصدّق على الوالدين وينتفعان بِها كالدُّعَاء وَالقِرَاءة كَانَت على القبر أولاَ، وَتَلزم الأجرة على القراءة، وَيُستحبُّ زيارةُ قَبرهِمَا كُلَّ جُمُعَة لقوله صلى الله عليه وسلم : “مَن زَارَ قَبرَ أَبويْه أَو أَحَدَهُمَا كلَّ جُمُعَةٍ غَفَرَ الله له وكُتِبَ بَارًّا”. الجزء الثاني صفحة 484.
7- وَجَاءَ في الحاشية : قَوله (وَيَنتفعَان بِها) وَيَشهدُ لذلك قُولُه في الحديث الشّريف : إذَا مَاتَ ابنُ آدمَ انقطعَ عملُهُ إلاَّ منْ ثَلاثٍ، وَعدَّ منهَا دعاءَ الولد الصالح، وَمَحلُّ طَلَبِ الدُّعَاء لَهما، إنْ كَانَا مُؤمنِيْنِ لاَ إنْ كَانَا كَافِرَيْنِ، فَيَحرُمُ لِآيَةِ “مَا كَان للنَّبِيءِ وَالذِينَ آمَنوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا للمشركين ولَو كَانُوا أُولِي قُربَى”. فإنَّهَا نَزَلَت في استغفاره صلَّى الله عليه وسلم لِعَمِّه أبي طالب واستغفار بعض الصحابة لأبويه الـمُشْركينَ.
8- وَجاء في نفس الكتاب أنَّ أبَا هُريرَةَ قَال: “مَن فاتَه بِرُّ وَالدَيْه في حياتِهمَا يُصَلِّي ليلةَ الخميس يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وبعدها آية الكرسي خمس مرات وقل هو الله احد خمس مرات والمعوذتين خمس مرات فَإذَا سَلَّم منهما استغفر الله خمسَ عشرةَ مرَّةً ثم وَهبَ ذلك لأبويْه فإنه يدرك بِرَّهُمَا بذَلِكَ”، أفاده النفزاوي في شرح الرسالة.
9- جاء في كتاب كشف الغمّة عن جميع الأمة للامام الشعراني: قَال ابن عباس رضي الله عنهما : “كَانَ رَسول الله صلى الله عليه وسلَّم يَحثّ على الدّعاء والصدقة والقُرَبِ الـمُهدَاةِ إلى الأَموات مِن أَقَاربِهم وإخوانِهِم وَيقول: “إنَّ ذلكَ كُلُّهُ يَنفَعُهُمْ”. وَتقدَّمَ في باب الأمر بقراءة سورة ” يَــس” عند من حَضَرَتْهُ الوفاة وبقراءة الفَاتِحَة عندَ رَأسِ الـمَيِّتِ وَرِجلَيْه، وَبِقِرَاءَةِ خَواتيم سورة البقرة عند وضعه في القبر. وَكانَ صلى الله عليه وسلم يقول:”أَفضَلُ الصَّدقة على الأموات سَقْيُ الـمَاءِ”. وَكانَ صَلَّى الله عليه وسلم يقول : “تَنفَع الصدقة والصومُ كلَّ مَن أَقرَّ للهِ بالتَّوحيد وَماتَ عَلَى ذلكَ”. وَكانَ صَلَّى الله عليه وسلَّمَ يَقولُ : “إذَا مَرَرتُم بقبرِ كَافِرٍ فَبَشِّرُوهُ بالنَّار”. الجزء الأول صفحة 303
10- وَجَاءَ فِي نفس الكتاب: “كانَ صلَّى الله عليه وسلم يقول : لا تزال أمتي بِخَير وَمُسْكَةٍ مِن دِينِهَا مَا لمَ يَكلوا الجنائزَ إلى أهلِهَا”. وَكاَنَ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقول : “مَا مِن مُؤمنٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَليه أمَّةٌ من المسلمين يبلغون مائةً كُلُّهم يشفعون لَه، إلاّ شَفَّعَهم الله فيه”. وفي رواية: “مَا مِن رَجُلٍ مُسلمٍ يَمُوت فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِه أربعون رجلاً، لاَ يُشركُونَ بالله شيئا إلا شفّعهم الله فيه. وَفِي روايةٍ “مَا من مسلم يَموت فيشهد له أربعةُ أبياتٍ ( أي عائلاتٍ) مِن جيرانه الأَدْنِينَ (أي الأَقربين) بِخير إلاَّ قَالَ الله تعالى: ” قَد قَبِلتُ عِلمَهُم فِيه وَغَفَرت لَه مَا لاَ يَعلمونَ”. وَفي رواية: “أَيَّمَا مُسلمٍ شَهِدَ له أربعةُ نَفَر بِخيرٍ أدخله الله الجنّةَ”. فَقال الصحابة رضي الله عنهم: “وَثَلاَثَة قَال وثلاثةٌ”. فقالوا واثنان ، فقال واثنان”. قَالَ عمر رضي الله عنه: “ثمّ لم نسأل عن الواحدِ”. الجزء الأول صفحة 294
11- وجاء في كتاب إحياء علوم الدّين للإمام الغزالي ما نصّه : “قَالَ بَشَّارُ بنُ غالبٍ النجراني : رأيت رابعة العدوية العابدة في منامي وكنت كثير الدعاء لها، فَقالت لي يا بشار بن غالب هَدَايَاكَ تَأتيني على أطباقٍ مِن نُورٍ مُخَمَّرَة بِمنَاديلِ الحرير”. قُلتُ: وَكيف ذلك ؟ قالت: “وهكذا دعاء المؤمنين الأحياء إذا دَعوا للموتى فاستُجيبَ لَهم، جُعلَ ذَلكَ الدُّعاءُ عَلَى أَطباق النّور وخمّر بمناديل الحرير ثمّ أُتِيَ بِه الميت فقيل له هذه هدية فلانٌ إليكَ”. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”مَا الـمَيِّت فِي قبره إلاَّ كَالغَريقِ الـمُتَغَوِّث، يَنتَظِر دعوةً تلحقه من أبيه أو أخيه أو صديقٍ له، فَإذا لحَقته كانت أحبّ إليه من الدّنيا وما فيها وإنَّ هَدَايَا الأحياء للأموات الدّعاءُ والاستغفارُ”. الجزء الرابع صفحة 419.
12- فقد روي عن رسول الله انه قال :”لاَ يَأتي على الـميِّت أشدُّ من الليلة الأولى، فارحموا مَوتاكم بالصدقة. فمن لم يَجدْ فليصلِّ ركعَتَين يقرأ فيهما فاتِحة الكتاب وآيةَ الكُرسي وألهاكم التكاثر وقل هو الله أحد إحدى عشرةَ مرةً. ويقول اللهم إني صليت هذه الصلاة وتعلم ما أريدُ، اللهم ابعث ثوابَها لفلان ابن فلان، فيَبعث الله من ساعته إلى قَبره ألفَ مَلَك مع كل ملك نور وهدية يِنسونه الى أن ينفخَ في الصور ويعطى إلى الـمُصَلِّي بعدَد ما طلعت عليه الشمس حسنات ويرفع الله له أربعين ألف درجة و أربعين ألف حجة وعمرة ويبني الله له أَلفَ مَدينة في الجنة ويعطى ثواب ألف شهيد ويكسى ألفَ حلةٍ”. نزهة المجالس، ص81.
13- وجاء في كتاب طالع البشرى للشيخ إبراهيم الـمرغني،:”وَرَدَ في بعض الآثار: ” أنَّ مَن قَال: “لاَ إلهَ إلاَّ الله سبعينَ ألفَ مَرَّة كَانَت له فداءً منَ النَّار. وقَد جَرَى عمل الناس شرقا وغربا بالافتداء من النار بسبعين ألفًا استنادًا للأثر المذكور. فليفتد بِها الإنسان لنفسه ولغيره بأُجْرَةٍ وَبِغَيرِها في يَوم أو أيامٍ مع حسن الظنّ بِمَولاَنَا الجواد الكَريـم”. ص 47.
14- وقال : حَدَّثَنَا أبو الأَحوص عن إبراهيم بن مهاجِرٍ، عَن عامر بن شعيب، أنَّ عائشةَ رضي الله عنها اعتكفت عن أخيها عبد الرحمن بعدَ مَا مَاتَ وَأَعتقت عنه” روح البيان، 27، 247ص.
ونكتفي بِهذا القدر من النقول الصحيحة الصريحة في وصول ثواب الصدقة للميت التي ذكرت في الكتب الآتية :
– تفسير الإمام ابن كثير ج 4 ص 241
-رياض الصالحين في الحديث ج 6 ص 93
-تذكرة القرطبي ص 25
-كشف الشبهات ص 282
-كتاب من هدي السنّة ص 84
إعداد الشيخ محمّد المنوّر المداني
أكتوبر 2004