بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم مذاكرة شفوية وقعت بالسواسي في سنة 1951 تقريبًا.
1. “بينما أخونا في الله، الشيخ سيدي منور، حَفظه الله، كان يَسرد في كتاب “السَّمير المُهذب” في بَيان الأخلاق الحميدة، إذ قرأ حكايةً ذَكرها صاحب الكتاب صورتها:
2. خَرج بَهرام المَلك يوما للصَّيد، فانفرَدَ عن أصحابه فرأى صيدًا، فَتَبعه حتى بَعُدَ عَن عَسكره، فَنَظر إلى راعٍ تَحت شَجَرَة، فنزل لقضاء حَاجةٍ، وطلب من الراعي أن يحفظَ الفَرَسَ. فَعَمَد ذلك الراعي إلى العَنان، وكان مُلبَسًا بالذهب، فَقَطع أطراف اللجام، المُلَبَّس بالذهب، مُستغفلاً صاحبَه، فرفع بهرام طرفه فَنظر ما هو فاعلٌ، فغَضَّ طَرَفَهُ، وأطرق إلى الأرض، وأطالَ الجلوسَ، حتى أخذ الرجل متاعَه، ولما انتهى وَضَعَ يَديه على عينيه تغاضيًا عن تلك السرقة، وسترًا لِزَلته إظهارًا للعفو.
3. وقال للراعي: قَدِّم إليَّ فرسي، فَإني لا أقدر على فتح عينيَّ لأن الريح ملأتهما ترابًا، فَقَدَّمه إليه، فَركبَ، وسارَ إلى أن وَصَلَ إلى عَسكره، فقال لأحد خواصه: لا تتهموا أحدًا في ذَهب اللجام، فإنِّي قَد وَهبته”.
4. فأعجبتِ (القصة) الفقراءَ الحاضرين، ورَأوْا ذلكَ من كَمَال الرجولة والإسراف في العفو، فأجاب شَيْخُنا (سيدي محمد المدني)، زادَه الله سرًا:
5. وإن كانتِ الحكايةُ في نفسها لطيفةً، إلا أنها ليست جاريةً على الآداب الإسلامية، التي هي الغاية القُصوى في مكارم الأخلاق، إذ الرضا بالسرقة تَحريضٌ على معاودتها، وإقامة الحدِّ، أو التذكير والوَعظ أدْعى لقطع تلك الجرثومة، وتَطهيرِ النفس منها، وأردَع لِمن تحدثه نفسُه بارتكاب مِثلها، فإذا نَبَّهَهُ أو وَعَظه ثم عفا عنه، لكان أقرَبَ للتقوى، والله ولي التوفيق. وهذه المذاكرة كانت قبيلَ منتصف النهار.
من كنش سيدي الحاج حسن الهنتاتي، رحمه الله.
تحقيق. ن. مدني 31 أكتوبر 2017.