بسم الله الرحمن الرحيم
1.الصَّومُ على ضَربَيْن: صَومُ ظاهرٍ، وهو الإمساك عن المُفطرات، مَصحوباً بالنية، وصَوم باطنٍ، وهو صَوْنُ القلب عن الآفات، ثم صَون الروح عن المُساكَنَات، ثمَّ صَونُ السِّرِّ عن الملاحظات. “القشيري: لطائف الإشارات”.
2.صَوم العابدين شرطُه – حتَّى يَكْمُلَ – صونُ اللسان عن الغيبة، وصَوْن الطَرْف عن النَّظَر بالرِّيبَة، كَما في الخبر: “مَنْ صام فَلْيَصُمْ سَمعُه وبصرُه”، وأما صَومُ العارفينَ فهو حفظ السرِّ عن شهودِ كلِّ غَيرِه. “القشيري: لطائف الإشارات”.
3.”إنَّ من أمسك عن المُفطرات، فَنهاية صومه إذا هَجم الليل، ومَن أمسك عن الأغيار، فنهاية صومه أن يشهد الحق، قال صلى الله عليه وسلم: ” صوموا وأفطروا لرؤيته“، الهَاءُ في قوله عليه السلام – لرؤيته – عائدة عند أهل التحقيق إلى الحق سبحانه، فالعلماءُ يقولون معناه عندهم صوموا إذا رأيتم هلالَ رمضان وأفطروا لرؤية هلال شوال. “القشيري: لطائف الإشارات”.
4.الخَواص صَومُهم للهِ، لأنَّ شهودهم الله، وفِطْرهم بالله، وإقبالهم على الله والغالب عليهم الله. “القشيري: لطائف الإشارات”.
5.”الصوم هو مفتاح الزهد في الدنيا، وباب العبادة للمَولى، لأنه مَنع النفس عن ملاذها وشهواتها من الطعام والشراب، كما مَنَعها الزاهد العابد بدخوله في الزهد وشغله بالعبادة” (أبو طالب المكي: قوت القلوب في معاملة المحبوب، أبو طالب المكي، 218/1).
6.”الصوم هو التخلق بالصمدية”. (السراج الطوسي).
7.”اعلم أنَّ الصومَ ثلاث درجات : صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص.
وأما صوم العموم: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.
وأما صوم الخصوص : فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام .
وأما صوم خصوص الخصوص : فَصومُ القلب عن الهِمَمِ الدنية والأفكار الدنيوية وكَفُّه عما سوى الله عز وجل بالكلية.
8.يَحصل الفطر في هذا الصوم بالفكر فيما سوى الله عز وجل واليوم الآخر وبالفكر في الدنيا إلا دنيا تراد للدين ، فإن ذلك من زاد الآخرة وليس من الدنيا ” (الغزالي: إحياء علوم الدين).
9.”الصومُ إشارة إلى الامتناع عن استعمال المقتضيات البشرية، ليتصف بصفات الصمدية، فعلى قدر ما يمتنع، أي يصوم عن مقتضيات البشرية تظهر آثار الحق فيه…” (عبد الكريم الجيلي: الإنسان الكامل في معرفة الأوائل والأواخر، 204/2)
10.”مَن شَهدَ الشهر صام لله، ومن شهد خالق الشهر صام بالله. فالصوم لله يوجب المثوبة، والصوم بالله يوجب القربة. الصوم لله تحقيق العبادة، والصوم بالله تصحيح الإرادة. الصوم لله صفة كل عابد، والصوم بالله نعت كل قاصد. الصوم لله قيام بالظواهر، والصوم بالله قيام بالضمائر. الصوم لله إمساك من حيث عبادات الشريعة، والصوم بالله إمساك بإشارات الحقيقة” (القشيري المسمى لطائف الإشارات، 138/1).
11.قال أرباب القلوب : من تحركت همته بالتصرف في نهاره لتدبير ما يفطر عليه كتبت عليه خطيئة، فإن ذلك من قلة الوثوق بفضل الله عز وجل وقلة اليقين برزقه الموعود، وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين ولا يطول النظر في تفصيلها قولا ولكن في تحقيقها عملا”
12.الصوم إقبال بكنه الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه وتلبس بمعنى قوله عز وجل : ﴿ قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ﴾ (الأنعام : 91) وأما صوم الخصوص : وهو صوم الصالحين فهو كف الجوارح عن الآثام وتمامه بستة أمور : ( الأول ) : غض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله عز وجل”.
13.“يا أيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ” هذا نداءٌ لأصحاب القلوب، وخطاب مَعَ طُلاب هلال المشاهدة فى أقطار سماوات الغيوب أي يا أهل اليقين فرض عليكم الإمساك عن الكون أصلا لأنكم في طلب المشاهدة فواجب أن تصوموا عن مألوفات الطبيعة في مقام العبودية كما كتب على المرسلين والنبيئين والعارفين والمحبين من قبلكم لكي تَخلصوا عَن رجس البشرية وتصلوا مَقامَ الأمن والقربة. (الإمام البقلي، عرائس البيان في وجوه القرآن).
14.”شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ ” شهر فيه احتراق أكباد أهل العيان من شوق مشاهدة الرحمٰن لذلك أنزل فيه القرآن لرقة قلوب المخاطبين من نيران المجاهدات وكشف أنوار المشاهدة. (الإمام البقلي، عرائس البيان في وجوه القرآن).
15.”أنزل القرآنُ في رمضان لفضله وتخصيصه من بين الشهور وافتراض الصوم فيه واستنان القيام في لياليه بالقرآن “فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ“، أي من حضر فيه مقام الطلب فليفطم نفسه عن رضاع الطبيعة لمقام الطرب. (الإمام البقلي، عرائس البيان في وجوه القرآن).
16.”مَن شَهدَ منكم الشهر فليصمه عن الشراب والطعام، ومن شهدني فليصمه عن المخالفات والآثام. (الإمام البقلي، عرائس البيان في وجوه القرآن).
17.”مَن شَهد منكم الشهرَ فليصمه، ومَن شَهدني وشاهد أمري فليصم أوقاته كلها عن المخالفات، ومن شهد الشهرَ على رؤية التعظيم فليمسك فيه عن اللغو واللهو ومن شهد على رؤية فعله وصومه فليس لله حاجة في ترك طعامه وشرابه وهو كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ” رب صائم حظه من الصيام الجوع“. (الواسطى).
18.إنَّ الصوم كما يكون للظاهر يكون للباطن، وباطن الخطاب يشير إلى صوم القلب والروح والسر، “ٱلَّذِينَ آمَنُواْ“، شهود أنوار الحضور مع الله كما سبق ذكرهم، فصوم القلب: صومه عن مشارب المعقولات، وصوم الروح: عن ملاحظة الروحانية، وصوم السر: صومه عن شهود غير الله. . (تفسير التأويلات، الإمام أحمد بن عمر).
19.”صيامهم هو الإمساك عن كلّ قول وفعل وحركة وسكون ليس بالحق للحق”. (ابن عربي).
20.”فمن أمسك عن المفطرات فنهاية صومه إذا هجم الليل، ومن أمسك عن الأغيار فنهاية صومه أن يشهد الحق. (تفسير التأويلات، الإمام أحمد بن عمر).
21.”ٱلصِّيَامُ ” هو الإمساك المخصوص من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس في الشهر المعروف بلسان الشريعة، والإمساك المطلق والإعراض الكلي عما سوى الحق عند أولي النهى واليقين المستكشفين عن سرائر الأمور، المتحققين بها حسب المقدور كَمَا كُتِبَ عَلَى أمم الأنبياء ٱلَّذِينَ خلوا مِن قَبْلِكُمْ وإنما فرض عليكم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183] رجاء أن تحفظوا أنفسكم عن الإفراد في الأكل المميت للقلب المطفئ نيران العشق والمحبة الحقيقية (تفسير الجيلاني، سيدي عبد القادر الجيلاني).
22.أن أفضل الشهور عند الله وأرفعها قدراً ومرتبة: ” شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ ” أي: ابتداء نزوله أو نزل كله فيه، بل الكتب الأربعة كلها تنزل فيه على ما نقل في الحديث وكيف لا يكون أفضل الشهور، والحال أن القرآن انزل فيه “هُدًى لِّلنَّاسِ” المؤمنين بتوحيد الله المتوجهين نحو جنابه يهديهم إلى مرتبة اليقين ” وَبَيِّنَاتٍ ” شواهد وآيات واضحات ” مِّنَ ٱلْهُدَىٰ ” الموصل للمستكشفين عن سرائر التوحيد إلى مرتبة عين اليقين “ وَٱلْفُرْقَانِ ” الفارق لهم بين الحق الذي هو الوجود الإلهي، والباطل الذي هو الوجودات الكونية يوصلهم إلى مرتبة حق اليقي (تفسير الجيلاني، سيدي عبد القادر الجيلاني).
23.كُتب عليكم الصيام عن الحظوظ والشهوات، كما كتب على مَن سلك الطريق قبلكم من العارفين الثقات، في أيام المجاهدة والرياضات، حتى تنزلوا بساحة حضرة المشاهدات، لعلكم تتقون شهود الكائنات، ويكشف لكم عن أسرار الذات، فمن كان فيما سلف من أيام عمره مريضاً بحب الهوى، أو على سفر في طلب الدنيا، فليبادِرْ إلى تلافِي ما ضاع في أيام أُخر، وعلى الأقوياء الذين يُطيقون هذا الصيام، إطعام الضعفاء من قُوت اليقين ومعرفة رب العالمين. (تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة).
24.وأَنْ تَدُوموا أيها الأقوياء على صومكم عن شهود السَّوَى، وعن مخالطة الحس بعد التمكين، فهو خير لكم وأسلم، إن كنتم تعلمون ما في مخالطة الحس من تفريق القلب وتوهين الهمم، إذ في وقت هذا الصيام يتحقق وحي الفهم والإلهام، وتترادف الأنوار وسواطعُ العرفان. فمن شهد هذا فَلْيَدُمْ على صيامه، ومن لم يَقْدِر عليه فَلْيَبْكِ على نفسه في تضييع أيامه. (تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة).
25.صوم الخواص: إمساك الجوارح كلَّها عن الفَضول، وهو كل ما يشغل العبد عن الوصول، وحاصلُه: حفظ الجوارح الظاهرة والباطنة عن الاشتغال بما لا يَعْنِي. وأما صوم خواص الخواص: فهو حفظ القلب عن الالتفات لغير الرب، وحفظ السر عن الوقوف مع الغير، وحاصله: الإمساك عن شهود السَّوى، وعكوفُ القلب في حضرة المولَى، وصاحب هذا صائم أبداً سرمداً. فأهل الحضرة على الدوام صائمون، وفي صلاتهم دائمون،(تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة).
26.”رمضان يُرْمِضُ ذنوب قوم ويرمض رسوم قوم، وشتان بين من تحرِق ذنوبَه رحمتُه وبين من تحرِق رسومَه حقيقتُه.” (القشيري، لطائف الإشارات).
27.شهر رمضان شهر مفاتحة الخطاب، شهر إنزال الكتاب، شهر حصول الثواب، شهر التقريب والإيجاب. شهر تخفيف الكلفة، شهر تحقيق الزلفة، شهر نزول الرحمة، شهر وفور النعمة. شهر النجاة، شهر المناجاة. (القشيري، لطائف الإشارات).
28.ان مراده تعالى بان يأمركم بالصوم يُسْرُ الدارين لا عُسرهما اما اليسر فى الدنيا فالترقى الى الملكية والروحانية والوصول الى اليقظة والمعرفة واما العسر فيها فالبقاء مع البشرية والحيوانية والاتصاف بالاوصاف الطبيعية والنفسانية واما اليسر فى الآخرة فهو الجنة والنعمة والقربة والوصلة والرؤية واما العسر فيها فهو الجحيم وعذابها ودركاتها (إسماعيل حقي، روح البيان).
29.قال ابو سليمان الدارانى: “لئن اصوم النهار وافطر الليل على لقمة حلال أحب إليَّ من قيام الليل والنهار وحرام على شمس التوحيد ان تحل قلب عبد فى جوفه لقمة حرام ولاسيما في وقت الصيام فليجتنب الصائم اكل الحرام فانه سم مهلك للدين”. (إسماعيل حقي، روح البيان).
30.”لنا ثلاثة اعياد عيد الافطار وهو عيد الطبيعة. والثانى عيد الموت حين القبض بالايمان الكامل وهو عيد كبير. والثالث عيد التجلي في الآخرة وهو أكبر الأعياد”، (إسماعيل حقي، روح البيان).