1. ومن أسمائه الشريفة، صلى الله عليه وسلم، “صَاحِب الخاتم”، إذ من بَين الخصائص الفاضلة التي اختصَّ الله بها رسولَه العظيم، عليه أزكى الصلاة وأصفى التسليم، هو خاتم النبوءة، وهو الذي تَحَدَّث عنه العلماء كثيرا، وخاصَّة أولئك الذين كَتَبوا عن خصائص الرسول وشمائله المحمدية. هذا، والأحاديث الذين وردت في وصف هذا الخَاتَم متقاربة في معناها، ومن بَينها ما ذكره الإمام جَلال الدين السيوطي، رحمه الله، في كتابه: “الخصائص الكبرى” يقول:
2. أخرج أبو نعيم عن سليمان قال: بَين كتفيه بَيضَةٌ كَبيَضة الحمامة، مكتوبٌ في باطنها: الله وحدَه، لا شريكَ له محمدٌ رسول الله، وفي ظاهرها: تَوَجَّه حيثما شئت فإنَّكَ مَنصورٌ”. وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق شُرَحْبِيل بن السمط عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ خرجت ابْتغِي الدّين فَوَافَقت فِي الرهبان بقايا أهل الْكتاب فَكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا زمَان نَبِي قد أظل يخرج من أَرض الْعَرَب لَهُ عَلَامَات من ذَلِك شامة مُدَوَّرَة بَين كَتفيهِ خَاتم النُّبُوَّة فلحقت بِأَرْض الْعَرَب وَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَيْت مَا قَالُوا كُله وَرَأَيْت الْخَاتم فَشَهِدت ان لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله.
3. ويوجد خاتَم النبوءة في الكَتِف الأيسر، لأنها المكان الذي يدخل منه الشيطان للوسوسة، وذلك في قبالة القلب النبوي، ومن ذلك المكان الشريف، في جسده، صلى الله عليه وسلم، تضوع رائحَةٌ فَوَّاحةٌ، أقوى من رائحة المسك. يقول سيدنا جابر بن عبد الله، رضي الله عنه، قال: أردَفَني النبيءُ، صلى الله عليه وسلم، خاله فجعلت فمي على خاتم النبوءة، فَجَعَلَ يَنفح عليَّ مسكاً.
4. هذا، واختَلَف العلماء: هل ولد الرسول والخاتم معه أو وضعَ بعد ولادته وقد اختلفت الآراء في ذلك. ولكنه، في كل الحالات، رُفِعَ من كتفه الشريف عند انتقال الرسول، عليه الصلاة والسلام، فقد أخرج البهيقي وأبو نُعيم قالوا:
5. إنَّ الصحابةَ شكوا في وفاة الرسول، صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم إنَّه لم يَمُت. فَوضعت السيدة أسماء بنت عُمَيس يَدَها بين كتفي سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، فقالت: لقد توفي، قد رُفعَ الخاتم من بين كتفيه، فكان ذلك الرفع هو الذي عُرف به موته. ومن الجدير أن نذكر بأنَّ لكلِّ الأنبياء والمرسلين شامة في أياديهم اليمنى، إلا سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، كانت الشامة بينَ أكتافه. يقول وهب بن منبه: “لم يبعث الله نبياً إلا وقد كانت عليه شامة النبوءة في يده اليمنى، إلا سيدنا محمد فإنَّ شامة النبوءة كانت بين يَدَيه.
الشيخ محمد المنور المدني
8 فيفري 2016