ألَّفَ المُفتي المالكيُّ، شَيخُ جامِع الزيتونة الأعظمِ، العَلامَّة سيِّدي مُحمد الطاهر بن عاشور قصَّةَ “المولدية”، تُسرَد بمناسبة الاحتفال بالمولد النبويّ الشريف في جامِع الزيتونة نفسه، وبِمَحضَرٍ منْ جِلة العلماء الكِبار. وقد ذكرَ في بداية كتابه هذا الأدلةَ على شرعيّة الاحتفال بالمولد.
ويَحقُّ لكلِّ مُؤمنٍ الاهتداء بهذه الفَتوى والاستنارَة بما فيها ابتهاجًا بسيد السادات، صلَّى الله عليه وسلَّم.
“دَعاني إليه ] تأليف قِصَّة المَولد [الاتِّساء بأفاضل الأمَّة، الذين ألْهَمَهُم الله صَرفَ الهِمَّة، إلَى العِنايَة بتعظيم اليَوم الذي يُوافقُ من كلِّ عامٍ، يومَ ميلادِ مُحَمدٍّ رَسولِه، عَلَيْه الصلاة والسلام، إذ كانوا قد عَدُّوه عيدًا، عَلِمناه من قوله تعالى في التنويه بشهر رمضان: “شهرُ رَمَضانَ الذي أنْزِلَ فيه القرآنُ” (البقرة: 185.)
فَأيُّ يَومٍ أسعدُ من يومٍ أظهرَ الله فيه للعالم مولودًا كانَ المُنقذَ من الضَّلالة، أخرَجَ به الناس من ظلماتِ الشركِ ومَناقص الجَهالة، وإذ كانت الأعياد الثابتة في الدَّين قد جاءت على مناسبة الفَراغ من عبادات مَشروعة، فَذكرَى الواسطة العظمى في تبليغ ذلك يَحقُّ أنْ تكون مُشَيَّدَةً مَرفوعَةً. (…).
وكان شأنُ أهلِ الخير إحياءَ ليلة المولد بالصَّلاةِ على النبي، ومَعونة آلِه، ومُساهَمَتَهم، والإكْثارَ من الصَّدقَات وأعمال البِرِّ، وإغاثةَ المَلهوف، مع ما تَستجلبه المَسرَّة مِن مُباح اللَّهو المُرَخَّصِ في مثله بنَصِّ السنَّة. وشاعَ ذلك في بلاد المَغربِ والأندلُسِ…”
الشيخ محمد الطّاهر بن عاشور.
قصة المولد، ص. 10-11.