[red]I-الأدلة من القرآن الكريم:[/red]
1- قال الله تَعَالَى عزَّ وجلَّ: “يَزيدُ فِي الخَلقِ مَا يَشَاءُ، إنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ”. سورة فاطر الآية (1).
قال المفسّر ابن كثير نقلاً عَن الإمام الزُّهْرِيّ وابنِ جَريجٍ في قوله تعالى:”يَزيد في الخَلق مَا يَشَاء” يعني حُسنَ الصوت. وَرَواه عَن الزهري البخاريُّ في الأَدَب المُفرَد. (تفسير ابن كثير (5/567). وقال القرطبي في تفسيره: “إنَّه حُسْنُ الصوت كما ذكر ابن كثير عن الزهري”. (الجامع لأحكام القرآن القرطبي (14/320). وإلَى هذا المعنى ذهب أكثر المفسرين كالنَّسَفي والبيضاوي والخازن وغيرهم (تفسير البَغَوي بهامش تفسير الخازن(3/296).
2- قال الله تَعَالَى عزَّ وجلَّ: “فبشّر عِبَادِ الذينَ يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحْسَنَهُ”. الزّمر، 17-18.
3- قال الله تَعَالَى عزَّ وجلَّ: ” فَهُمْ فِي رَوضَةٍ يُحبَرُونَ”. الروم، 15
4- قال الله تَعَالَى عزَّ وجلَّ:”وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ”، سبأ، 10.
[red]II-الأدلة من السنَّة المُطَهَّرَة.[/red]
1- عن سيدنا أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “[blue]إنَّ مِنَ الشَّعر لَحكمة، وإنَّ من البيان لَسحراً[/blue]”.
أخرجه البخاري (6145) وابن ماجه (3755) والدارمي (2604) وأبو داود (5010) والبخاري في الأدب المفرد (858) والطيالسي (556) والبيهقي (10/237) وعبدالرزاق (20499) وابن أبي شيبة (8/691) وأحمد (5/125) وابنه في زوائد المسند (5/126) والشافعي (2/188).
2- عن عائشة رضي الله عنها قالت: “سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الشعر فقال: “[blue]هُوَ كَلاَمٌ، حَسَنُهُ حَسَنٌ وقَبيحُهُ قَبيحٌ[/blue]”.
أخرجه أبو يعلى بإسناد حسن (ج8 /4760) وذكره الهيثمي (8/13317) والبيهقي في السنن الكبرى (10/339) وقال: وصله جماعة والصحيح عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسلا والدار قطني (4/155) وذكره في المطالب العالية (2578).
3- عن شريح قال: قلت لعائشة، رضي الله عنها، :”هل كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتمثَّل بشيء من الشعر ؟ قالت :كان يتمثَّلُ من شعر ابن رواحة. قالت : و ربما قال :
[blue]ويَأتيك بالأخبار من لَم تُزوَّد[/blue] (الشعر لطرفة من معلَّقته)، رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح.
4- عَن عَمرو بن الشريد عن أبيه قال: أنشدتُ رسولَ اللهِ، صلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وسلم، مِئةَ قَافيةٍ من قول أُمَيَّةَ بنِ أبي الصَّلتِ، كلُّ ذَلكَ يقول: “[blue]هِيه هِيه[/blue]”. ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم :”[blue]إنْ كَادَ في شعره لَيُسلِمُ[/blue]”.
أخرجه مسلم (2255) والبخاري في الأدب المفرد (799).
5- عن سيدنا أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَرَّ ببعض المَدينة فإذا هُو بِجَوارٍ صِغَارٍ يَضْربنَ بِدَفَّهِنَّ ويتَغَنَّينَ ويَقلن:
[red]
نحن جَوارٍ من بَنِي النَجَّار *** يَا حَبَّذَا مُحمدّ مِن جَارٍ[/red]
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “[blue]اللهُ يَعلَمُ أَنِّي لَأُحبِّكُنَّ[/blue]”. أخرجه ابن ماجه (1899) وقال حديث صحيح ورواته ثقات.
6- عَن أبي هريرة قال: قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “[blue]إنَّ أصدَقَ كلمةٍ قَالَها شَاعرٌ كلمةُ لبيدٍ :[/blue]
[red
ألاَ كلُّ شيءٍ مَا خَلاَ اللهَ باطلٌ[/red]
7- عن جُنْدُب بن سفيان البُجَيْلي قال : أَصَابَ حَجَرٌ إصبَعَ رَسول الله صلى الله عليه وسلم، فَدَمِيَت فقال :
[red]هل أنت إلا أصبَعٌ دَمِيتِ *** وَفِي سَبيلِ الله ما لقيتِ[/red]
والبيت من شعر عبد الله بن رَوَاحَةَ.
8- عن أنس قال : جَعَلَ المهاجرون والأَنصَار يحفرون الخندقَ، ويَنقُلونَ التُّرَابَ وهُم يقولون :
[red]نَحن الذين بَايَعُوا مُحمدًا *** على الجهاد ما بَقينا أبدًا[/red]
يقول النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يُجِيبُهم :
[red]اللهم لا عيشَ إلاَّ عَيشُ الآخرة *** فَاغْفِرْ للأنصَارِ والمُهَاجِرَة[/red]
أخرجه البخاري (2961) وفي أماكن كثيرة ومسلم (1805) والترمذي (3857) وأحمد (3/170) والبيهقي (6/39) وفي مسند علي بن الجعد (1507).
9- عن البَرَاءِ بن عَازِب قال: قال له رجلٌ :”أَفَرَرتُم عَن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، يَا أبا عمارة ؟ فقال :”لاَ والله، مَا وَلَّى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكنْ وَلَّى سُرعَانُ النَّاس، تَلَقَّتهم هوازن بالنَبْل، ورسول الله، صلَّى الله عليه وسلم، عَلَى بَغلته، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذٌ بلجامها ورسول الله، صلى الله عليه وسلم ، يقول :
[red]أنا النبيُّ لاَ كَذِب *** أنَا ابنُ عَبدِ المُطَّلِب[/red]
متفق عليه.
10- عن البَرَاء قال كانَ رسول الله، صلَّى الله عليه وسلم ينقل التراب يومَ الخَندق حَتَّى اغبرَّ بطنه يقول :
[red]
والله لَولاَ الله ما اهْتَدَينَا *** ولاَ تَصَدَّقنا وَلاَ صَلَّينَا
فأنزلَنْ سَـــــكينةً علينَا *** وثَبِّتِ الأقدامَ إنْ لاَقَيْنَا
والمشركون قد بغَوا علينا *** إذا أرادوا فتنةً أَبَــــيْنَا[/red]
يرفع بها صوته : أبَينَا أَبينَا. متفق عليه.
11- قال النابغة الجعديُّ أنشدت رسولَ الله قولي:
[red]بَلَغنَا السَّمَاءَ مَجدُنَا وجدُودُنَا *** وإنَّا لَنَرجُو فَوقَ ذَلكَ مَظهَرًا[/red]
فقال النبي: “أينَ المَظهَرُ يَا أبا لَيلى؟”، فقلت الجنَّة يا رسول الله”. قال: أَجَل، إنْ شاءَ الله ثمَّ قَالَ: أنشدني فأنشدته من قولي:
[red]وَلاَ خيرَ في حلم إذا لم تكن له *** بَوادِرُ تَحمي صَفوَه أَن يُكَدَّرَا
ولا خيرَ في جَهلٍ إذا لم يَكن له *** حليمٌ إذا مَا أورَدَ الأمرَ أصدَرَا[/red]
فقال صلى الله عليه وآله وسلم أَجَدْتَ، لاَ يَفْضُضِ اللهُ فَاكَ. قال الراوي فنظرت إليه فكأنَّ فَاه البَرَدُ المُنْهَلُّ، مَا سَقَطَت لَه سِنٌّ ولا انفَلَّت، تَرِفُّ غُرُوبُهُ. (الخبر في تهذيب الآثار، مسند عمر، مجمع الزوائد للهيثمي، 8، 126.
12- عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أيضا قال: كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حَادٍ يُقَال لَه أَنجَشَةَ وكان حَسَنَ الصَّوتِ. فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” يا أنجَشَةَ رُويدَكَ، لاَ تَكْسِرِ القَواريرَ”. قال قَتَادة : يَعني ضَعَفَةَ النساء.
أخرجه البخاري في (6211) ومسلم (5994) والبيهقي (10/2027) والبغوي (3577) وابن حبان (5801).
13- عن سيدنا قَتَادَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:” مَا بَعَثَ الله نبيًّا إلاًّ حَسَنَ الصَّوتِ”.
أخرجه الترمذي في الشمائل (3383) وزاد قوله: “وَكَانَ نَبيُّكم حسنَ الوجه وحسن الصوت”.
14- رَوَى الزبير بن بَكَّار قال مرَّ رسول الله ومعه أبو بكر رضي الله عنه برجل يقول في بعض أزقة مكة:
[red]يَا أيَّها الرجل المحوِّلُ رحلَه *** هلاَّ نزلتَ بآل عبد الدار[/red]
فقال النبي يا أبا بكر: ” أَهَكَذَا قال الشاعر؟” قال: “لاَ يا رسول الله”. ولكنّه قال:
[red]يَا أيَّها الرجل المحوِّلُ رَحْلَه *** هلا سألت عن آل عَبدِ مَنَافٍ[/red]
فقال رسول الله هكذا كنا نسمعها.
15- روي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم قال لكعب: ” مَا نَسِيَ ربُّكَ -وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا- شعرًا قلتَه”. قاَلَ وما هو يا رسول الله؟ قال أنشده يا أبا بكر فأنشد أبو بكر رضوان الله عليه:
[red]زَعَمَت سخينةُ أنْ سَتَغلبُ رَبَّهَا *** وليُغلَبُنَّ مُغَالِبُ الغَلاَّب.[/red]
(الخبر في تهذيب الآثار، مسند عمر).
16- استنشد صلى الله عليه وسلم حينَ استسقى قولَ أبي طالب:
[red]
وأبيضَ يُستسقى الغمام بوجهه *** ثِمَال اليَتَامَى عصمةٌ للأَرَامِل
يُطيفُ به الهُلاَّكُ من آل هاشِمٍ *** فَهُم عِندَهُ في نِعمةٍ وَ فَواضِل[/red]
فَسُقي (سيرة ابن هشام، 1، 291-299)
17- عَن الشِّعبيِّ رضي الله عنه عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال لما نظر رسول الله إلى القتلى يوم بدر مُصَرَّعينَ قال لأبي بكر رضي الله عنه: ” لَو أنَّ أبَا طالب حيٌّ لَعَلِمَ أنَّ أَسيافنا قد أخذت بالأنامل” قال وذلك لقول أبي طالب:
كَذِبتُم وبَيتَ اللهِ إنْ جَدَّ مَا أَرَى *** لَتَلتَبِسَنَّ أَسيافُنَا بالأَنَامِــل
18- حديثُ محمد بن مَسلَمَةَ الأنصاريَّ جَمَعَهُ وابنَ أَبي حدرَدٍ الأسلمي الطريقُ، قَالَ فَتذاكرنا الشكرَ والمعروفَ، قَالَ فقال محمد: “كُنَّا يومًا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فَقَال لحسان بن ثابت: ” أنشدني قصيدةً من شعر الجاهلية فإن الله تعالى قَد وَضَعَ عَنَّا آثامَهَا في شعرها وروايته”. فأنشَدَه قصيدةً للأعشى هجَا بها علقمة بن علاثة:
عَلقَمَ مَا أنتَ إلى عامر *** الناقض الأَوتَار والوَاتر
فقال النبي: “يَا حسان لا تعد تنشدني هذه القصيدة بعد مجلسك هذا” فقال: “يا رسول الله تنهاني عن رجل مشرك مقيم عند قيصر”. فقال النبي “يا حسان أشكر الناس للناس أشكرهم لله تعالى” …(رواه ابن أبي الدنيا قي قضاء الحوائج، وابن عساكر عن محمد بن مَسلَمَةَ).
19- رُوِيَ أنَّ كعبًا وَأخاه بجيرًا خرجا إلى رسول الله حتى بلغا أبرق العَزَّافِ، فقال كعب لبجير القَ هَذَا الرَّجُلَ وأَنَا مقيمٌ هَهُنَا فأنظرَ مَا يقول. وَقَدم بجيرٌ عَلَى رسول الله، فعرض عليه الإسلام فأسلم، وبلغ ذلك كعبًا فقال في ذلك شعرًا، فأهدرَ النبي دمه فكتب إليه بجير يأمره أن يسلم ويقبلَ إلى النبي ويقول: إنَّ مَن شَهدَ أنْ لاَ إلهَ إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله قَبل منه رسول الله وأسقط ما كان قبل ذلك. قال: فَقَدم كَعبٌ وأَنشدَ النبيَّ قصيدَتَه المعروفةَ:
بَــــــــــانَت سُعادُ فَقَلبِي اليومَ مَتبُول *** مُتَيَّمٌ إثرَهَا لَم يُفدَ مَغلُــــــــــــــــول
ومَـــــــــا سُعادُ غَدَاةَ البَين إذْ رَحَلَت *** إلا أغنَّ غَضيضَ الطَّرفِ مَكحُول
تَجلو عَوارضَ ذِي ظَلْم إذَا ابتَسَمَت *** كأنَّه مُنْهَلٌّ بالرَّاحِ مَعْلـــــــــــــــــول
سَحَّ السُّقَاةُ عليهَــــــــــــا مَاءَ مَحنِيَّةٍ *** مِن مَاء أَبطَحَ أَضحى وَهوَ مَشمُول
حتى أَتَى على آخرها فلمَا بَلغَ مَديحَ رسول الله
إنَّ الرَّسـولَ لَسيفٌ يُستضَاءُ بِه *** مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللهِ مَسلُــــــــــول
فِي فِتيــةٍ مِن قريش قَالَ قَائِلُهم *** بِبطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسلموا زُولـــــــــــوا
زالوا فما زال أنكاس ولا كُشفٌ *** عنـــــــــــد اللقاء ولاَ ميلٌ مَعَازيل
لا يقـــع الطعن إلا في نحورهم *** وما بهم عن حياض الموت تهليل
شـــــــمُّ العَرَانين أبطالٌ لَبُوسهم *** مــن نسج داود في الهيجا سرابيل
أشارَ رسول الله إلى الحِلَقِ أنِ اسمَعُوا قَالَ وَكَانَ رَسول الله يكون من أصحابه مكانَ المائدة من القوم يتحلَّقون حَلَقَةً دونَ حَلَقَةٍ فيلتفت إلى هؤلاء وإلى هَؤلاء.
20- إنشاد النساء على السطوح بالدف والألحان عند قدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
طلع البدر علينا *** من ثنيات الوداع ¤¤¤¤ وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داعٍ .
22- عن سيدنا أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل مكة وابن رواحة يمشي بين يديه وهو يقول:
خَلُّوا بني الكفارعن سَبيله *** اليومَ نضربكم على تنزيله
ضربًا يُزيل الهَامَ عَن مَقيله *** ويُذهلُ الخَليلَ عَن خَليلِه
¤¤¤¤¤يا رب إنِّي مُؤمنٌ بِقيله
فقال عمر رضي الله عنه: “يَا ابنَ رواحةَ، بَينَ يَديْ رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي حرم الله تقول شعرًا؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” خَلِّ عَنه يَا عمر فَلَهي أسرع فيهم من نَضح النبل”.
أخرجه الترمذي (2847) وقال حديث حسن صحيح والنسائي (2873) وأبو يعلى (3440) والبغوي (3404) والبيهقي (10/228) وأبو نعيم (6/292) وابن حبان (5788) وعبد بن حميد (1257).
21- عَن سيدتنا عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَضَعُ لحسَّانَ منبرا في المسجد يقوم عليه قائمًا يُفَاخِر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ” إنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بروح القدس مَا نَافَحَ أو فَاخَرَ عَن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”.
أخرجه الترمذي (2846) وأحمد (6/72).
22- كان سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم:
أغرُّ عليه للنبوة خاتــــــــــــم *** من الله مَشهودُ يلـــوح و يشهد
وَضَمَّ ألله اسمَ النبيّ إلى اسمه *** إذ قال في خمس المؤذن أشهد
وشَقَّ لَه مِن اسمِه لِيُجلَّـــــــــهُ *** فذو العرش محمود وهذا مُحَمَّدٌ
23- عن سعيد بن المسيب قال: مرَّ عمر في المسجد وحسان ينشد فلحظه عمر (أي نظر إليه نظرة إنكار) ثم التفت حسان إلى أبي هريرة فقال: أنْشدكَ بالله أَسمعتَ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:أَجبْ عَنِّي اللَّهمَ أيِّدهُ بروح القدس”. قال نعم.
أخرجه البخاري (3212) ومسلم (6334) وأبو داود (5013) مختصرا والنسائي (715) وأحمد (5/222 ، 223).
24- عن سيدنا سَلَمةَ بن الأكوع رضي الله عنه قال: خَرجنَا مَعَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى خيبرَ فَسرنَا ليلاً، فَقالَ رجلٌ مِن القوم لعامر بن الأكوع:”أَلاَ تُسمعنَا مِن هُنَيهَاتِك؟ وكان عامر رجلاً شاعرًا فنزل يحدو بالقوم يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينَــا *** ولا تصدقنا ولاَ صَلينَا
فاغفر فداءً لك ما اقتضينا *** وَثَبت الأقدامَ إن لاقَينَا
وألقِيَـــــن سكينةً عَليـــــــنَا *** إنَّـــا إذا صيح بنا أَتَينَا
وبالصياح عَوّلوا عَلَينَا
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “مَن هَذَا السائقُ؟” قالوا: عامر بن الأكوع قال: ” يَرحَمُهُ الله”.
أخرجه البخاري (4196) مطولا و(2477) مختصرا ومسلم (4644) مطولا وابن ماجه (3195) بنحوه مختصرا وأحمد (4/47 – 48) مختصرا ومطولا
25- عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت : دخَلَ عَلَيَّ رسولُ الله، صَلَّى الله عليه وآله وسلم، وَعندي جَاريتان تُغَنِّيَان بغِنَاءِ بُعَاثٍ (اسم معركة بين الأوس والخزرج) فَاضطَجَعَ عَلَى الفراش وَحَوَّلَ وَجهَه، وَدَخَل أبو بكر فانتَهَرَني وقال: مِزمارةُ الشيطان عند النبيِّ، صلى الله عليه وآله وسلم، فَأقبَلَ عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: دَعهُمَا فَلَمَّا غَفَلَ غَمزتُهُمَا فَخرجَتَا وكان يومَ عيدٍ، يَلعب السودان بالدَّرَقِ والحِرَاب، فإمَّا سَألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإمَّا قَال: ” تَشتَهينَ تنظرينَ؟ قُلتُ نَعَم، فأقامني ورَاءَه، خَدِّي عَلَى خَدِّه، وهو يقول: دُونكم يا بَنِي أَرْفَدَةَ حَتَّى إذَا مَلَلتُ قَالَ: حَسْبَكِ؟ قلت: نعم، قال: فاذهبي”.
فتح الباري، (2/445) وأحمد في مسنده (6/134) ومسلم (3/21) وابن ماجه (1/612) والنسائي في سننه (3/196).
26- قالت عائشة رضوان الله عليها كان رسول الله كثيرا ما يقول أبياتَكِ فأقول:
ارفع ضعيفَكَ لاَ يَحرُ بِكَ ضَعفُهُ *** يومًا فَتدركه العواقبُ قد نمـــى
يجزيك أو يثني عليك وإن من *** أثنى عليك بما فعلت فقد جزى .
قالت فيقول عليه السلام: “يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده صَنعَ إليك عبدي معروفا فهل شكرته عليه فيقول يا رب علمت أنه منك فشكرتك عليه قال فيقول الله عز وجل لم تشكرني إذ لم تشكر من أجريته على يده. (رواه الطبراني في المعجم الصغير، 1، 163)
27- عَن سَيّدنا أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له : ” يَا أَبَا مُوسَى، لَقَد أُوتيتَ مزمارًا من مزامير آل داودَ”. أخرجه البخاري (5048)، مسلم (1849) والترمذي (3855).
28- وقالت سيدتنا عائشة رضي الله عنها: “كَانَ أَصحابُ رَسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسلم يتناشدون عنده الشعرَ وَهو يَبتَسمُ”. أخرجه الترمذي (2850) وقال حديث حسن صحيح.
III-الأدلة من خلال عمل الصحابة
1- قال عَبد الملك بن عمير : أُتِيَ عمرُ رضوان الله عليه بحُلَلٍ من اليمن فأتاه محمد بن جَعفر بن أبي طالب ومحمد بن أبي بكر الصديق ومحمد بن طلحة بن عبيد الله ومحمد بن حاطب فدخل عليه زيد بن ثابت رضي الله عنه فقال: “يَا أميرَ المؤمنين، هؤلاء المحمدون بالباب يطلبون الكسوة”. فقال ائذن لهم يا غلام فدعا بحلل فأخذ زيدٌ أجودَهَا وقال هذه لمحمد بن حاطب وكانت أمه عنده وهو من بني لؤي، فقال عمر رضي الله عنه أيهاتَ أيهاتَ وتمثل بشعر عمارة بن الوليد:
أسَرَّكَ لَما صُرعَ القوم نشوةً *** خروجــي منها سالمًا غيرَ غَارم
بريئًا كأني قبل لم أك منهــم *** وليس الخداع مرتضى في التَّنَادم
رُدَّهَا ثم قال ائتني بثوب فألقه على هذه الحلل وقال أدخل يدك فخذ حلة وأنت لاَ تراها فأعطهم. قَالَ عبد الملك فلم أرَ قسمة أعدلَ منها”. ذكره المرزباني في كتابه بإسناد.
2- رَوى الحسن البَصريُ رحمه الله أنَّ أقوامًا أتوا عمرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه فقالوا يا أمير المؤمنين إن لنَا إمامًا إذا فرغ من صلاتِه تغنَّى، فقال عمر رضي الله عنه من هو؟ فَذَكَرَ الرجلَ فقال قوموا بنا إليه فإنَّا إنْ وَجَّهنَا إليه يَظن أنَّا تَجسَّسنَا عليه أمرَه، قال: فقام عمر رضي الله عنه مع جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى أتوا الرجل وهو في المسجد فلما نظر إلى عمر قام فاستقبله فقال: “يَا أميرَ المؤمنين ما حاجتك؟ وما جاء بك؟ إن كانت الحاجة لَنَا كُنَّا الأحق بذلك منكَ أنْ نأتيكَ، وإن كانتِ الحاجة لله، فأحقُّ مَن عظمناه خليفةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال عمر: ويحك بَلَغَني عنك أمرٌ سَاءَني قال: وما هو يا أمير المؤمنين قال: أتتمجَّن في عبادتك؟ قال: لا يا أمير المؤمنين لكنها عظةٌ أَعظ بها نفسي قال عمر قلها فإن كان كلامًا حسنا قلته معك وإنْ كَانَ قبيحًا نَهيتُكَ عَنه فقال:
وفؤادي كـــــــلما عَاتبتـــــــــــه *** في مَدَى الهجران يَبغي تَعَبِي
لا أراه الـــــدهر إلا لاهيـــــــــا *** في تماديه فقد برح بــــــــــي
نفسُ، لاَ كنتِ ولاَ كَانَ الهَوى *** رَاقِبِي المَولى وَخافي وَارهَبِي
فقال عمر رضي الله عنه :
نفسُ، لاَ كنتِ ولاَ كَانَ الهَوى *** رَاقِبِي المَولَى وَخافي وَارهَبِي
ثم قال عمر رضي الله عنه : “على هَذا فَليُغَنِّ مَنْ غَنَّى.
الاعتصام للإمام الشاطبي (1/220).
3- عن عبدالله بن الزبير قال: “مَا أعلم رجلا من المهاجرين إلا قد سمعته يَتَرَنَّمُ” أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/225).
4- عن عامر بن سعد قال: دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عُرسٍ وإذا جوارٍ يُغَنِّينَ، فقلت أيْ صاحبَا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن أهل بدر يُفعل هذا عندكم؟ فقالا: اجلس إن شئتَ فاستمع معنَا وإن شئت فاذهبْ، فإنه قَد رُخِّصَ لَنَا في اللهو عن العُرسِ”. أخرجه النسائي (3383).
5- عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم: “يَا عائشةَ ما كان معكم لَهوٌ؟ فإنَّ الأنصارَ يُعجبهم اللهوُ”. وفي رواية شريك : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : “فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني؟ قلت: ماذا تقول؟ قال تقول:
أتيناكم أتيناكم **** فَحَيَّانَا وحَيَّاكم
أخرجه ابن ماجة (نكاح، 21) ة أحمد بن حنبل، 3، 391.
IV-الأدلة من خلال أقوال العلماء
1- كان الحسن البصري رحمه الله يتمثل في مواعظه بالأبيات من الشعر وكان من أوجعها عنده:
اليوم عندك دَلَّهَا وَحَديثُهَا *** وغَدًا لِغَيركَ كَفُّهَا وَالمِعصَمُ
2- قال الجنيد: “السماع لا يحدث في القلوب شيئا وإنما هو مهيج ما فيها فتراهم يهيجون من وجدهم وينطقون من حيث قصدهم ويتواجدون من حيث كامنات سرائرهم لا من حيث قول الشاعر ولا يلتفتون إلى الألفاظ لأن الفهم سبق إلى ما يتخيله الذهن”.
3- قال العِزُّ بن عبد السلام: “أَمَّا سَمَاع الإنشاد المحرِّكِ للأحوال السَّنِية المذكر للأمور الأخروية فلا بَأسَ به بَل يُندبُ عند الفتور وسآمة القلب ولا يُحظَر إلا لمن في قلبه هوًى خبيثٌ، فإنَّه يُحرك ما في القلب”. الزواجر (2/273).
4- قال العلامة السفاريني في منظومة الآداب : “المذهب الإباحة من غير كراهية لِمَا تَضَافرت به الأخبار وتضافرت به الآثار من إنشاد الأشعار والحداء في الأسفار وقد ذكر بعض العلماء الإجماعَ على إباحة الحداء”. وقال أيضا في غذاء الألباب : “وَالسَّمَاع مهيج لما في القلوب، محرِّكٌ لما فيها، فَلَمَّا كانت قلوب القوم معمرة بذكر الله تعالى صافية من كدر الشهوات محترقة بحب الله ليس فيها سواه كان الشوق والوجد والهيجان والقلق كامن في قلوبهم كمون النار في الزناد فلا تظهر إلا بمصادفة ما يشاكلها فمراد القوم فيما يسمعون إنما هو مصادفٌ لما في قلوبهم”، غذاء الألباب (1/145).