رعاية المصالح
قطب التّشريع الإسلامي
مداخلة من إعداد وتقديم الأستاذ
بدري خلف الله المدني
ضمن فعاليات ملتقى
« الفقه والحياة المعاصرة »
بالجامع الكبير بليون – فرنسا
أيّام 17 و18 ماي 2008
…/…
قال الإمام الغزالي: ” فكلّ ما يتضمّن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة وكلّ ما يفوّت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة “. وهي خمس:
1: حفظ الدّين – 2: حفظ النّفس – 3: حفظ العقل – 4: حفظ النّسب – 5: حفظ المال.
1 ) حفظ الدّين: يعتبر حفظ الدّين في المقام الأوّل بين المصالح الضّروريّة، وتتمثّل هذه المحافظة:
أ – فيما فرص الله من العبادات، تثبيتا للعقيدة بالعمل.
ب – فيما أوجب من نشر أحكام الدّين، وما شرع من عقوبات لمنع الفتنة فيه.
ج – في ما أمر به من إعداد العدة، لحماية راية الإسلام وحفظ عزّته.
وإنّما جعلت المحافظة على الدّين في المقام الأوّل لأنّ الدّين يضمن سعادة البشر في الدّنيا والآخرة، ولأنّ عاملهُ أقوى تأثيرا في تنظيم الحياة من أيّ مذهب آخر، إذ أنّ سلطان الدّين الرّقيب يندفع من الباطن، ليهدي الإنسان ويردعه ويوبّخه، إن هو قارف الخطيئة أو ارتكب الإثم.
2 ) حفظ النّفس: المقصد الثّاني من مقاصد الشّريعة الإسلاميّة هو حفظ الذّات البشريّة وتكريمها. ويكون ذلك:
أ – بتوفير كلّ ما يضمن استمرار الحياة لها، من مأكل وملبس ومسكن ونحوها.
ب – بحمايتها من الأمراض ووقايتها من الأوبئة.
وإلى جانب هذا فإنّ الشّريعة حرمت قتل النّفس إلاّ بالحقّ: ” مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ” ( الآية 32 – سورة المائدة ) وأوجبت القَصَاصَ ممن قتل أخاه عمدا وعدوانا، أو تعدّى على جزء من بدنه: ” وَلَكُمْ فِي القََصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ ”
( الآية 49 – سورة البقرة ) .
3 – حفظ العقل: المقصد الثّالث من مقاصد الشّريعة هو حفظ العقل ويكون ذلك بما يلي:
أ – تنميته بالتّمرين على التّفكير الصّحيح، وصقله بالتّوجيه السّليم، حتّى تتكوّن له قدرة التمييز بين الحقّ والباطل، والتّفريق بين الحسن والقبيح.
ب – حمايته من كلّ ما يدخل عليه خللا في سيره، أو اضطرابا في عمله.لذلك حرّمت الشّريعة شرب الخمر، وتعاطي المخدّرات، وترويجها، والاتجار فيها.
4 ) حفظ النّسب: المقصد الرّابع من مقاصد الشّريعة الإسلاميّة هو حفظ النّسب ويكون ذلك:
أ – بالمحافظة على بقاء النّوع البشري، ولذا دعت الشّريعة إلى التّناسل، ومنعت كلّ ما يؤدّي إلى القضاء عليه.
ب – بالمحافظة على انتساب الذرّية إلى أصولها، ولذا شرّعت أحكام الزّواج وما يتبعه من حضانة وإنفاق، كما حرّمت الزّنا، وشدّدت العقوبة على مرتكبيه.
5 ) حفظ المال: المقصد الخامس من مقاصد الشّريعة الإسلاميّة هو حفظ المال، إذ لا تستقيم أمور النّاس إلاّ به، ويكون ذلك:
أ – بالسّعي إلى إيجاده بطرق مشروعة، فصّلت أحكامها في نظام المعاملات المالية.
ب – بعدم التّفريط في أموال الفرد أو الأمّة لغير غرض صحيح، أو الاعتداء عليه بأيّ وجه، ولذا حرّمت الشّريعة إتلاف الأموال أو الإسراف فيها، كما حرّمت السّرقة والغصب واعتبرت قاطع الطّريق محاربا لله ورسوله: ” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا، أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوْا مْنَ الأَرْضِ “. ( الآية 33 – سورة المائدة )…/…