رسالة الشيخ المدني الى صفاقص 1924

Home مؤلفات الشيخ سيّدي محمد المدني الرسائل رسالة الشيخ المدني الى صفاقص 1924

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ المدني صحبة الفقراء

الشيخ المدني صحبة الفقراء

كتب سيدي الشيخ مُحمد المدني، رَحمه الله، هذه الرسالةَ لسيدي عبد السلام الشعبوني، المُقدَّم الأول لمدينة صفاقس، سنة 1924. وهي وثيقة نادرةٌ تُنشر لأوَّل مَرَّة يَحثُّ فيها المريدينَ على الإكثار من ذِكر الله تَعالى.

1. 9 ربيع الأنور 1343 ( الموافق لــ 8 أكتوبر 1924)

2. ذَوو الأقْدَام الرَّاسِخَة، والأحْوَال الشَّامِخَة، إخوانَنَا في طريقِ اللهِ، عَزَّ وجَلَّ، بمدينة صَفَاقُس، عَلَيْكم منَ السَّلام أزْكَى السَّلام، وعَلَى مَن يَلوذُ بِكُم من الأحْبَاب الكِرَام،

3. أمَّا بَعدُ، فَإنّي دائمًا أسْألُ عَن تَفْصيل أحْوالِكُم التي هي غَايَة ما تَمتَدُّ إلَيْه أعنَاقُنا وتَشْرَئِبُّ إلَيْه نُفوسُنَا، إذْ حَالُ المُؤْمِن مَعَ الله هو الحَقيقُ بِالسُّؤَال عنهُ؛ فَإنْ كان في ازديادٍ في مُجَاهَدَتِهِ وقوَّة مَحَبَّتِهِ، فَلا شَكَّ أنَّ اللهَ يَهديه ويُوصِلُه إلى حَضْرَة قُدْسهِ”وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ“، (العَنكبوت: 69) والعَكسُ بِالعَكْس.

4. فَالإيمان يَتَقَوَّى بقُوَّة المُجاهَدة حتَّى يَصيرَ إيقانًا، والإيمان يَعظُم بشدَّة الحضورِ حتَّى يَنقلبَ مُشاهَدَةً وعِيانًا. وأوصيكم، بَارَكَ اللهُ فيكم، بعد أنْ أوصي نَفْسي، بِالإخْلاصِ في الأعْمَال، فَبِذلكَ تَظهرُ نَتَائجُ الأحوال، ولا نَعني بالإخلاص إلا في (…) القَلب من رُؤيَة غَير الحَقّ، حتَّى يَكونَ لَكُم سَمْعًا وبَصَرًا ويَدًا ورِجْلاً.

5. وعَلَيكم، بَارَك الله فيكم، بِالمُواظَبَة على ذِكْر الاسْمِ الأعْظَم، فإنَّ الاسمَ مفتاحُ المُسَمَّى، مع الإعْرَاض عن كلِّ مَا سِوى الله. ولذلك خَاطَبَ نَبيَّه الأكرَم، صلَّى الله عليه وسلَّم، بِقَوله: “وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا“. (المُزمّل: 8).

6. والإكثارُ من ذِكْر اللهِ، بأيِّ صِفَةٍ وفي أيّ حالٍ، مُرَغَّبٌ فيه. فَعَلى كلِّ فَقير أن يَعمرَ وَقْتَه به، ويَشغَلَ لسانَه بِذِكر حَبيبِه، كيْ يَطمئنَّ قَلبُهُ بِمَحَبَّته، أو نقول: بمُشاهَدَة أنْوَارِه.

7. والتَّقليلُ مِن الذّكر يُؤَدّي إلى اشتغال اللسان بغيره من القيل والقال. وبذلك يَأخذُ القَلب في الغَفلَة عَن الله حتى تصير له قسوةٌ، ثم تنقلبَ لَه مَوتَةً، أجارَنَا اللهُ وإيَّاكُم.

8. ولذلكَ، رَوى الإمام مالكٌ، في “مُوَطَّأه”، في الجزء الثاني من باب: ما يُكْرَه من الكلام بغير ذِكر الله، فقال مالكٌ: إنَّه بَلَغَه أنَّ عيسى بنَ مَريم كان يقول: “لا تُكْثروا الكلام بغير ذكر الله“… الحديث. فَهَذا لفظُه في “الموطأ”.

9. وحاصِلُ مَعناه، والله أعلمُ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهانا بما تَرجَمَه عن عيس بن مَريمَ عَن الإكثار من الكلام بغَيْر ذِكْر الله، وبَيَّنَ لنا المَضَرَّة في ذلك. وهي قَسوَةُ القُلوب التي تُؤَدّي إلى مَوتِهِ، ولا مَوتَ أعْظَمُ من البُعد عن الله، عَزَّ وجَلَّ. وأكَّد هذا الخبر، الذي هو بُعد القلب القاسي عن الله (…) حيثُ قال: فَإنَّ القَلبَ القاسي بعيدٌ من اللهِ ولَكن لا تعلمون“. يُشيرُ بالتأكيد إلى أنَّ المُقَلّلَ من الذكر الذي قَسا قَلبُه وبَعُدَ عن الله مُنكِرٌ لهذا الحديث الخَبَر.

10. ولمّا كانَ المُقَلّلون من ذكر الله تَنقلبُ حَالَتُهم إلى ما هو أدهى وأمَرُّ وأعْظَم وأكْبَر، إذ بَعد أن كانوا مشتغلين بغير ذكر الله من بقيَّة الكَلام يَتَرَقَّونَ إلى أن ينظروا في ذُنوبِ النَّاس، ويَنسَوا ذنوبَهم، نَهاهم عن ذلك فقال:”ولا تَنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب“.

11. ولا يَخفى ما في تَشبيههم بالأرباب من تَشنيع حَالِهم والتَّنفير من أفْعالهم. وهذا داءٌ عُضالٌ نَزَلَ بهم، والعياذ بالله تعالى، ثم أرْشَدَهم إلى الدواء، بقوله: وانْظُروا في ذنوبكم كأنكم عَبيد إلى آخر الحديث.

12. هذا حَاصِل مَعناه، على سبيل الإجمال، واللهُ أعْلَم بِما وراءَ ذلك. وفي هذا القدر كفاية والله وليُّ الهداية. فَسَلّموا مِنَّا عَلى جَمْعِكم المُبَارَكِ فَردًا فردًا، كما يُبَلّغُكُم أتمَّ السَّلام جميعُ إخوانكم بالقُصَيبة، خصوصًا الحاضرَيْن حالَ الكتابة، سيدي عبد الله الغدامسي وسيّدي الشّاوش رَابِح ، كَتَبَه العبد الضعيف محمد المداني العلاوي، في يوم الأربعاء بالتاريخ أعلاه.

رسالة سيدي محمد المدني إلي سيدي الحاج البشير بن محمد الصالح

1. حَضرَةَ الصَّديق المبرور والعارِف المَشكور، وَليّ الله تعَالى، سيدي الحاج البشير بن محمد...

رسالة إلي سيدي البشير محمد الصالح- قابس –

بسم الله الرحمن الرحيم 1) حضرَةَ الأخ المبرور والصَّديق المشكور، العارف بالله تعالى ورحمته و...

رسالة إلى سيدي إبراهيم بن الصغير، رحمه الله

بسم الله الرّحمن الرحيم 1. صادقَ المَحَبَّة، قويَّ الرَّغبةَ، ابنَنَا الأبَرَّ، العارفَ بالله،...