بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة إلي سيدي البشير محمد الصالح
1) حضرَةَ الأخ المبرور والصَّديق المشكور، العارف بالله تعالى ورحمته و بركاته،
2) أما بَعْدُ، فقد طالَ الأمَدُ ولَم نُكاتِبكْم، فَالمَطلوب منكم هو المُسامَحَة، بَارَكَ الله فيكم، فَإنّي قد كنت في السياحة، فَزُرتُ فيها إخوانَكُم بتونس واجتَمَعتُ مع الأخ النجيب، سيّدي عَليّ الحَوَّات، وهو وجَميعُ الفُقَراء بتونس، على أحسن حالٍ.
3) ثمَّ زرتُ أخَ الجَميع، الشيخ سيدي بلقاسم ببَلَد بنزرت، وبتُّ عندَه ليلةً واحدةً، وهو أيضًا على أكمل ما يُرام، ثمَّ زرتُ إخوانَكُم بالقَيروان خصوصًا حضرةَ الأخ الفسيان سَيدي أحمد الزغواني.
4) وجَميع إخوانكم في كل جهة يبلغونكم أتمَّ السَّلام ويَذكرونَكم في أغْلَب الليالي والأيام.
5) أمَّا أحوال إخوانكم بالزاوية، فَهي على ما سَرَّكم والحَمد لله، أعاننا الله وإيّاكم على الأعمال الصالحة ووَفَّقَنا جميعًا لمَا يُحبّه ويَرضاه، آمين.
6) هذا أيها الأخُ الكَريم وإنَّ أخانا سيدي محمد بن عليّ، منذ أن سَافَر إلي المرازيق، لم يبعث لنا إلا جوابا واحدًا ولم يصلنا منه خبر فلا بأسَ إذا كاتبتموه من هناك ليقدم إلينا أو يكاتبنا بأحواله وبَلغوا أتمَّ سَلامَنا إلي جميع ساداتنا الفقراء، كلِّ واحدٍ باسمه. كَمَا يُسلم عليكم جميعُ إخوانكم بالزاوية والسَّلام مِن كاتِبِه العبد الضعيف محمد المدني العلاوي، في يَوم الأحد.
لمحة تحقيق:
1) سيدي أحمد الزغواني، أصيل مدينة زغوان، من قُدماء الطريقة المدنية، اشتغل في العسكر مع سيدي بلقاسم الثري، ومن لطائف التاريخ أنه كان حاضرًا، في الزاوية المدنية، يوم ولادة سيدي الشيخ محمد المنور المدني في 29 ماي من سنة 1937، مع فقيرته (زوجته)، وتوفيّ في بداية الأربعينات.
2) سيدي علي الحوَّات من فقراء مدينة تونس في فترة الثلاثينات.
3) سيدي محمد بن علي: أصله من المرازيق، كان مجرّدًا في الزاوية المدنية وكان يَعمل خيّاطًا ويمتلك آلة خياطة قديمة يحملها معه ويَخيط ثياب الفقراء، كما كان يصلح الساعات ويحلق الرؤوس، كلّ ذلك لوجه الله حيث كان يقيم في احدى بيوت الزاوية السفلية.
4) فقراء القيروان مجموعة منهم سيدي الفسيان أحمد الزغواني وسيدي حَسن محمود (أصيل قصيبة المديوني) وبعض المحبين الآخرين.
5) تبين هذه الرسالة مدى حرص الشيخ سيدي محمد المدني على مواصلة الفقراء والمريدين رغم بعد المسافات وصعوبة التنقلات، فكان يكابد لمواصلتهم ومذاكرتهم ويحرص على كل فرد منهم، كما كان يَعمل على تنشيطهم حتى ينهضوا في طريق الله ويَتَهَمّموا في خدمته والترقي في مراتب العارفين. كل ذلك في ظروف صعبة في نهاية الثلاثينات. رحمهم الله أجمعين وهم لنا خير قدوة ومثال.
تحقيق: ن. المدني