ديوان أنيس المريد في التصوف والتوحيد، في ثنايا هذا الدّيوان الشعريّ نَفحاتُ رَجلٍ عالم عاملٍ، أراد أن يبثّها في قوالِب القريض وصيغ البيان. وليس الشأن في أساليب
التعبير عن هذه النفحات ولا فيما تضمّنَته من الأفكار الفَرعيّة، وإنما في نَبرتها العامة وهي الإقرار بتوحيد الله كما يفهمه الخاصّة من أهل التصوف بما هو تَنزيهٌ مُطلقٌ، وإظهار لمدى التعلق بالمثال المحمّدي، هاديًا لآداب التوقّل في مَدارج الروح، فضلاً عن إرشاد سائر المؤمنين لفَضائل التزكية القلبيّة وأثمارها. وقد جال يَراع الشّيخ المَدنيّ في هذه الموضوعات وأجادَ فيما اجتَرَحَه من الصُّور والعبارات من أجل الإحاطَة بما استَشعَره، على مَرّ العقود، من عَميق العَواطف والأحْوال، وبما كابده من لحظات العشق والوَجد والمُعاناة. أصابَت عِبارتُه بعضَ تلك المَواجِد، وقَصُرت عن دَقيقِها. وكيفَ لِلغة الأدب ومَوازين الشعر أن تضبط هذا الدفق الغزير؟
ولذلك، اعتَذرَ الشيخ منشدًا:
لا لــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــومَ إن قُلنا * مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا حَوى نِظام
بِالقُلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوب ذُقنا * لَيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــسَ بِالكَلام
ولا يُحيط نظمٌ بمَدارَاتٍ الكَلَف الصّوفي.
نجم الدين خلف الله،جوان2021.