بسم الله الرَّحْمَن الرَّحيم
اللَّهم صَــلِّ وَسَلِــم وَ بَــارِك عَلى سَـــيِّدِنَا وَ مَــولاَنـَا مُحَمَّد وَعَلَــى آل سَيِّــدِنَا مُحَــمَّد الـــذِّي فَـــازَت أُمُـتـهُ بِشَــرَفِ الدُنــــيَا والآخِــرَة، لَمَّا وَضعَت هَذِهِ النَسَمَة الُمبَارَكة الطَّاهِرَة.
مَدَحــتُ رَسُولَ الله بَـــدأً وَعَـودَةً * وَ مِقدَاره فِي البَدءِ و العَـود أَعظم
مَدَائِحَ مَمَلُـــوءِ الفُــؤَادِ مَحَبَــــــةً * يُجَمجِـمُ شَـوقًا و الدُمُـوعُ تُتَرجـــم
مُحَمَّد الُمختَـار أَعَلَى الــوَرَى يَـدًا * وأَشَرَفُهُـم ذِكـرًا وِإن كَـان مِنهُــــمُ
الحَمدُ لله الذِّي خَصَّ هَذِهِ الأُمَّةَ بِما أَرَادَ وَ فَضَّلَهَا عَلى الأُمَمِ تَفضِيلا، وَهَيَّأَ لَهَا مِن أَسبَابِ السَعَادَة مَا لَم يَجعَل
لِغَيرِهَا إِلَيهِ سَبِيلا، وَ أَفَاضَ عَلَيهَا مِن رَحمَتِهِ الُمعتادة مَا سَبَقَت بِهِ وَإِن كَانَ العَمُــل قَلِيلا، نَحـمَدُهُ تَعَالَى وَنَشكُرُهُ تَعظِيمًا لِقدرِهِ و تَبجِيلا، وأَشهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا الله وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً مَن لَم يَبغ به بديلا وَأَشهَدُ أنَّ سَيدُنَا وَ مَولاَنا وقَائِدَنَا وطَبِيبَنا مُحَمَّدًا عَبدُه ورَسُولُهُ ذُروَةُ الشَرفِ الذِي لَم يُخلَق لَهُ مَثِيـلا، صَلَّى الله عَلَيــهِ وسَلم صَلاةً وَ سَلاَمًا يَرُوحَانِ إِلَيهِ بُكرَةً وأَصِيلا وَعَلَى آلِهِ وأَصحَابِهِ و كُلِّ مَن إنتَمَى إِلَيهِ جُملَةً وَتَفصِيلاً.
أَمَا بعد
فَيَا أُمّةَ الُمصطَـفَى الهَادِي إلى الرَّشَاد * المُرتَجِـينَ ثَـوَابَ الـوَاحِدِ الصَمَدِ
إِن شِئتُـم أَن تَنَـــالُوا أَعظَــــمَ المَــدَدِ * مِن آَلَائِــهِ وَتَـنجُـوا فِي شَفَاعَتِـهِ
صَلُّــــوا عَلَى المُصـطَـــفَى يَا أَهلَ مِلَّتِـــــــــــهِ
حبّ الرّسول للأنصار
مِن لَطَائِف السِيرَة النَبَويَّة العَطِرَة مَا كَانَ يُكِنُّهُ رَسُولُ الله، صَلَّى الله عَلَيــهِ وسَلم مِن صَادِق المَحَبةِ لِسَادَاتِنَا الصحَابَة الأَنصَار فَقَد اِختَصَّهُم بِالوِدِّ الأوفى،كأنّما يبادِلُ حبًّا بِحبٍّ، تَغنّى به القرآن الكريــم:” يُحــبِّهُم ويحبــّــونه “، ومِن أمارات المَحبّة الصادقة أنّه، ، كانَ مُتواصلَ الدُّعاء لَهم، دائم الانشغال بِمآلهم، وهنيئًا لمــن شمِــلَهُ دُعـــاءُ نَبيِّنا، فقــال عليه الصّلاة والسّلام:” اللّهمَّ صلِّ على الأنـــصار (أي: ارْحَمهــم) وعــلى ذُريَّــة الأنْصار، وعَلى ذريَّة ذُريَّةِ الأنْصار”.
ومن علامات مَحبَّتِهِ،،إقرارهُ عَلنًا أنَّه يُؤثرهم على الناس،فقد جَمعَ الصحابَةَ في موقف مَهيبٍ ،
وقال:” لَو سَلكَ الأنصار واديًا وشِعْبًا (أي: طريقًا)، وسَلَكتُمْ واديًا وشِعْبًا لَسلكتُ واديكُم وشِعْبَكُم،أنتم شِعارٌ والناس دِثارٌ، ولَولا الهجرة لَكنتُ إمْرِءًا من الأنْصار”، ثمَّ رَفعَ يَديْه حتى إنِّي لأرى بَياضَ إبِطَيْه ما تَحت مَنكِبَيْه وقال: ” اللهمَّ اغْفِر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنْصار”. (الشعار كِنايَة عن شدّة المحبّة، والدثار المَحبَّة من الدرجة الثانية).ومن تعاليمه الراقية أنّه، ، رَبطَ بَينَ الإيمان الأكمل ومَحبّة الأنصار فَقال: ” الأنْصارُ لا يُحبُّـــهم إلا مُؤمنٌ، ومَن أحَبّهم أحَبَّهُ الله”. ومِن الدلائل على هذا التعلّق النبوي بهم وترقيتُهُ لِهِمَمهم خاصَّةً أنّه دَعاهم إلى الإقبال بالكليّة على الله، والزُّهد فيما سواه، فَقد وَجَدَ بَعضُهُم (أي: انكَسرَ خاطرُ بَعضهم) بِسبب عَطايا تَأَلَّفَ بها أقوامًا، فجمع رسول الله الأنصار وخَطبَ فيـــهم:” ما مَقــالَةٌ بَلَغتْـــني عنكـــم ؟ آلم آتِكُــم ضُلاَّلاً فَهداكم الله بي؟ قالوا: بَلى يا رسول الله، اللهُ أمَنُّ وأفضل.قال: ألم آتِكم عالةَ (أي: فُقراء) فَأغناكم الله بي؟
قالوا: بَلى يا رسول الله،الله أَمَنُّ وأفضل.قال: ألا تجيبوني؟ قالوا: فيما نُجيبكَ يا رسول الله؟ لَكَ الفضل عَلينا. قال: لَو شِئْتُم لَقُلْتُم فَلَصَدَقْتُم: جِئتَنا طريدًا فآويناك، وجئتَنا مخذولاً فَنَصرناك، وعائِلاً (أي: فقيرًا) فَآسيناكَ. يا معشرَ الأنصار،أَوَجَدْتم في لَعاعة من الدنيا (أي: نَزْر يَسيرٍ) تَألّفتُ بها أقوامًا، وَوَكَلْتُكم إلى إسلامكم. ألا تَرضونَ أن يَذهب النّاس بالشاة والبَعير وتَرجعون برسول الله إلى رِحالِكُم ؟ فقالوا: رَضينا بالله وبِرَسوله قَسْمًا (أي نَصيبًا).ومِن أجمل المشاهد وأرقاها في مَقامات الصفاء ما وَقَعَ بَعد فتح مكة المكرّمة وإسلام أهلها وطِيبِ المَقام بالنبيء ،فَخَشي الأنصار أن يستقرَّ هناكَ ولا يعود مَعهم. فَلما سمع مَقالتَهم جَمعهم وقال: يا مَعشرَ الأنصار ! قالوا: لَبَّيكَ يا رسول الله. قال: قُلتم: أمَّا الرَّجل فَأدركته رَغبَةٌ في قَريته ورَأفَةٌ بِعشيرته. قالوا: قَد قلنا ذلكَ يا رسول الله. قال: كلاَّ، إنّي مُحَمَّدٌ، عَبد الله ورسوله، هاجَرتُ إلَيكم، المَحيا مَحياكُم، والمَمات مَماتُكم.فَأقبلوا إليه يَبكونَ ويَقولون: والله يا رسول الله، مَا قُلنا الذي قُلنا إلا ظنًّا بالله ورَســـوله (أي: رَغبَةً في عَدم التفريط في الله ورسوله). فقال:إنَّ اللهَ ورَسولَه يُصدِّقانِكم ويَعْذِرانِكُم.
ومن آخر وصاياه، ، ما رواه أنس بن مالكٍ يقول: مَرَّ أبو بَكر والعباس، رَضيَ الله عنهما، بمجلس من مجالس الأنصار وهم يَبكون. فَقالَ: ما يُبكيكُم؟ قالوا: ذَكرنا مَجلسَ النبيء مِنَّا. فَدَخلَ على النبيء فَأخبَرَهُ بذلكَ. فَخرَجَ النبيء، عليه الصّلاة والسّلام، وقَد عَصَبَ على رَأسهِ حاشيةَ بُردٍ فَصعدَ المنبرَ ولم يَصعده بعــد ذلك اليــوم،فَحَمَدَ اللهَ وأثنــى عَليهِ ثم قال:
أوصيكم بالأنصار فإنهم كَرِشِي (أي جَماعتي) وعَيْبَتي (أي خاصتي ومَوضِعُ سرِّي ومَودتي) و قد قَضوا الذي
عَليهم وبقيَ الذي لَهم، فَأقبَلوا من مُحسنِهم وتَجاوزوا عن مُسيئِهم.
فَصَلوا على سيّدنا محمّد وزيدوا في محبّته
مَناقِـــبُه كالشهـب والتُّرب والحَصى * وأضعافهـــا والأمـرُ أعلى وأفخم
مَواهــــبه كالـودق نَفعًـــا وكــثــــرةً * ولا بَـرقَ إلا بِـشـره والتبــســـــم
مَعالـــــيه لا تُحــصى بِرَســمٍ ومنطق * ولَو لَم يُغِــبَّ العـدَّ كَــفٌّ ولا فَـــم
سيّدنا أبو أيوب الأنصاريّ رضي الله عنه
أيها الملأُ المُؤمنُ الكَريم،
سيّدنا أبو أيّوب الأنصاري، رَضيَ الله عنه، من أصحاب رسول الله، اسمه خالد بن زيد،وهو مَن الذين بايَعوا رسولَ الله عليه الصّلاة والسّلام في مَكَّةَ المُكرّمة بيعةَ العَقبة الثّانية. ولــم يَكــن عنــد أبي أيّوب ما عند الأنصار الأثرياء الّذين قالوا يا رسولَ الله، أقِمْ عندَنا فَلَدَينا العَدَد والعُدة والمَنَعَةَ.فأجابهم النّبي، عليه الصّلاة والسّلام، : دَعوها فَإنَّها مأمورة. وأوَّل دارٍ يَسكنها المُهاجِر العَظيم، عَليه أفضل الصّلاة و أزكى التّسليم، هي دار أبي أيّوب الأنصاري الّذي يقول: لَمَّا
نَزَلَ رسول الله في بيتي نَزَلَ في السَّفَلِ وأنا وأمُّ أيوب في العُلُوِّ. فقلت: يا نَبيَّ الله، بِأبي أنت و أمّي
اظهَرْ أنتَ فَكن في العلوِّ، ونَنْزل نَحن فنكون في السَّفَلِ، فَقال: يا أبا أيوب ارفَق بنا وبِمَن يَغشانا، فَكان
رسول الله في سَفَل البَيت. وانكسرت جَرَّةُ ماء فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة ما لنا لِحاف غَيرها نُنَشِّف بها الماء تخوّفًا أن يقطر على رسول الله منه شَيءٌ فَيُؤذيهِ.
قال: وكنَّا نَصنع له العشاء ثم نَبعَثُ به إلَيْهِ فإذا رَدَّ عَلينا فَضْلَه تَيَمَّمت أنا وأم أيوب موضعَ يَدِهِ، فَأكلنا منه نَبتَغي بذلك البَرَكَةَ. وكانَ هناكَ مَلك من ملوك اليَمَن واسمُه أسعد بَن كَرْب آمَنَ بسيّدنا محمّد قبلَ مَبعَثه بألف عام فَكَتَبَ كتابًا إلى رَسول الله عليه، الصّلاة والسَّلامُ، يَقول فيه:
“أمَّا بَعدُ،
صَلَّى الله عليكَ،إنِّي آمنتُ بكَ وبكتابكَ الذي أنزلَ اللهُ عَليكَ وأنا عَلى دينكَ وسُنَّتكَ، وأمنت بِرَبِّكَ ورَبِّ كلِّ
شَيءٍ وبكلِّ ما جاءَ مِن رَبِّكَ ومِن شَرائع الإيمان والإسلام وأنا قَبِلتُ ذلكَ فإذا أدركْتكَ فَبِها ونِعمَت،وإنْ
لَم أدرككَ فَاشفَع لي يومَ القيامةِ، ولا تَنْسَني فَإني مِن أمَّتِكَ الأوّلين وبَايَعتكَ قَبلَ مَجيئك و قبل إرسال الله إليكَ وأنا على مِلَّتكَ وملَّة أبيكَ خَليل الله، صَلى الله عليه و سلم. وخَتَمَ الكتابَ بالذَّهَب ونَقَشَ عَليه: “لله الأمرُ مِن قَبلُ ومِن بَعد ويَومئذٍ يَفرح المؤمنون بنصر الله” وكَتب على عُنوان الكتاب: إلى مُحَمَّدٍ بن عَبد الله خاتم النبيئين ورَسولِ رَبِّ العالمين صلوات الله عليه، مِن تُبَّع. وتَوارَثَ أهل المدينة هذا الكتاب كابرًا عن
كابِرٍ إلى أن هاجر النبيُّء صَلَّى الله عَلَيــهِ وسَلم، ، إلى المَدينة ونَزَلَ في دار أبي أيّوب الأنصاري،حيث كان ذلك الكتاب محفوظًا وحَيث وَقفت الناقة المأمورة وسَلَّم أبو أيوب كتابَ تُبَّعٍ إلى رَسول الله صَلَّى الله عَلَيــهِ وسَلم .
وهَكَذا قَضى الصحابي الجليل حَياتَه مشرقةً مباركةً إلى أن خَرَجَ إلى أرض الروم غازيًا سنة 52 للهجرة واسْتُشْهــِدَ بالقسطنطينية، فَــرَحمَ الله مَــن اخـــتارَ دارَهُ منـــزلاً لنبــيّه المُهـــاجر وتَقَبَّلــه فــي جِـــنان الخلد والرضوان.
مَــــكَانَــةُ رُسُــــلِ اللهِ غَــيْرُ خَفِــيَّةٍ * وَسَـيِّـدُهُـمْ هَـذَا المُحَـبُّ الـمُـكَرمُ
مـتَـى رُفِعــت للــغـايـة رايَـــــــــــةٌ * فـــما أحـد قــدامــه يَـتَـقَــــــــدّم
مراقــيه في الإسـراء تقضي بأنَّـه * علـى كـلّ مخلـوق سـواه مُـقَـدّم
العهد
أيها السّادة الكرام: مِن رقائق الإرشاد الغالية التي أظهرها النبيء صَلَّى الله عَلَيــهِ وسَلم ، للصحابة مهاجرينَ وأنصارًا، معاهَدَتُه لهم على أداء الطّاعات واجتِناب المَنهيات، ولذلكَ كان العَهد من سُنن الطريق وشعائره، وهو مستمدٌّ من قول الله تعالى، في الذكر الحكيم:” وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيه أَجْرًا عَظِيمًا”( الفتح:الآية10)، وقال جلَّ شأنه:” وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً “(الإسراء:الآية34)،كما تَضمّنت كتب السيرة النبويّة أخبارًا ثابتة بوقوع البيعة و العهد من الصحابة لسيّدنا محمّدعليه الصّلاة والسّلام، رجالا ونساءً،فقد قال، :” بايِعوني على أنْ لا تشركوا بالله شيئًا،ولا تَسرقوا،ولا تَزنـــــــــــوا،ولا تَقتــــــــلوا أولادَكم،ولا تَأتوا ببهتانٍ تَفترونَه بَينَ أيديكم وأرجلكم،ولا تَعصوني في مَعروفٍ.فَمن أوْفى مِنكم فَأجرُهُ على الله،(…) قال: فَبايَعْناه على ذلك”.
وقد عَرَّف الإمام الجرجاني العَهدَ اصطلاحًا بكونه “حفظُ الشيءِ ومُراعاتُه حالاً بعد حالٍ”، وهو المعنى المتحقّق في العهد عند الصوفية حيث يأخذ المريدُ العهدَ مصافحةً من شيخه أو ممّن يكلّفه الشّيخ ،على أن يحافظ على الواجبات والآداب الشّرعية وأن يراعيَ ما يُلقنُّه الشّيخ من الأوراد والأذكار،وبِهذا العهد يحصل نوعٌ من الإلتزام المعنوي يَدفع المريد إلى الانتقال من حياة الغفلة والغيريّة إلى حياة الفتح والإقبال على الله بالكليّة.ويكون العهد بمثابة الصحبة المباركة بين الشّيخ المربي ومُريد الوصول إلى معرفة الحق تبارك وتعالى كغاية أساسية عبرَ التخلّي عن الرذائل والتَحَــلِّي بالفـــضائل للتحــقّق بركن الإحسان والتَّرقّي في مقاماته.
ومن الثابت أن العهد يُؤخَذ في الحقيقة من الله سبحانه وتعالى، لا من البشر، قال أهل الحقيقة:”آيةُ ” إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ” مثل قوله تعالى: ” مَن يُطِعِ الرسول فقد أطاع الله “، فالنبيء قد فَنِي عن وجوده بالكلّية وتحقّق بالله في ذاته وصفـــاته وأفعـــاله، فَمبايعــــته مبايعـــةٌ لله كـــما أنّ طاعته طاعة الله”.
والعهد في الطريقة المدنية نهج نبويّ أكّد عليه سيّدي الشّيخ محمّد المدني، رَحمه الله، في الحكمة :
عدد 41″ الوَفــــاء بالعهــــد والثّبــــات على الوِدِّ من أجمل ما يتزيّن به المريد”
والخلاصة أنَّ معاهدة الشّيخ تعني الأخذ والتّلقي وهي ترمز لمعاهدة الله سبحانه وتعالى،كما أنّها بمثابة تجديد لِمبايعة المصطفى عليه الصّلاة والسّلام،ومَناط الأمر كلّه هو التزام المريد بصالح الأعمال مَع المولى عَزَّ وجلَّ، ولذلك ينبغي ألا ننسى المُبايَع الحقيقي (بفتح الياء) أي الله تبارك وتعالى.
فَاذكروا اللهَ تعالى واشكروه يَزدكم من فضله وصلّوا على أفضل المخلوقات تَدخلوا في شفاعتـه.
مَنارُ هُدًى يَهدي القلوبَ شُعاعُه * إذ لم تَلُح شَمسٌ و لم تَبدُ أنْجُم
مُنًى تَاهَ لمَّـا أنْ أتاهــا وعُـرِّفت * به عَـــرفات والحَطـــيم وزَمزَم
مُنى كلِّ نفــس لَثمُ آثار نعـلٍه * وفي النّاس مَـن يُعطى مُناه ويُحرَمُ
فقد قبلنا حسناتهم و غفرنا سيّئاتهم
أيّها المحبّون للمصطفى العظيم، مِسك الخِتام وخِتام المسك هاتان اللّطيفتان:
1/- قيلَ لأعرابي: هَل تحدّثُ نفسكَ بدخول الجنّة؟
قال: والله ما شككت في ذلك قطُّ، وإنّي سوفَ أخطو في رِياضها وأشربُ من حِياضها، وأستَظِلُّ بأشجارها، وآكلُ من ثِمارها، وأتَفَيَّأ بِظلالها وأتَرَشَّفُ من قلالها، وأستَمْتِع بحورها في غرفها وقصورها.
قيل له: أفَبِحَسنةٍ قَدَّمتها أم بصالحةٍ أسلفتها؟
قال: وأيُّ حَسَنَةٍ أعلى شَرَفًا وأعظمُ خَطَرًا من إيماني بالله تعالى وجـــحودي لكـــلّ معــــبودٍ سوى الله تبارك وتعالى.قيل له: أفَلا تَخشى الذّنوبَ؟ قال: خَلقَ الله المغفرةَ للذّنوب والرَّحمَةَ للخطأ والعَفْوَ للجُرم والله أكرم من أن يعذّب مُحبِّيه في نار جهنّم.
2/- وجاء في بَعض طرق حديث الإسراء أنّه، ، قَبض على يَدَيْهِ،فَنودي يا محمدُ، افتَحْ يَدَيْكَ. فَقال: إلهي ، في إحدى يَدَيَّ حَسناتُ أمّتي وفي الأخرى سيئاتُهم. فَنودي: يا مُحمد، افتَحْ يَدَيْكَ، فَقد قبلنا حسناتِهِم وغَفَرنا سيئاتِهم.
والسلام عليكم ورَحمة الله وبركاته.