بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل وسلم على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آل سيدنا محمد الذي ناداه مولاه يا أكرم رسلي خلقت الكل من أجلك وخلقتك أنت من أجلي.
… إن الحب الإلاهي غاية ما تصبو إليه همم الصوفية ونهاية منهاج التعبد وعليه يبنون صرح طريقهم وهو أيضا دافعهم إلى العمل والتقوى فلذلك ما كانت عبادتهم طمعا في نعيم ولا خوفا من عقاب بل الحب مبتداهم ومنتهاهم، ولذلك تعتبر المحبة لله الغاية القصوى من المقامات والذروة العليا من الدرجات. وقد عرّف بعض العلماء حب الله بأنه حالة ذوقية تفيض على قلوب المحبين وما لها سوى الذوق إفشاء ، وكل ما قيل في المحبة ما هو إلا بيان لآثارها وتعبير عن ثمارها وتوضيح لأسبابها ونظرا لشفافية هذا الموضوع وانتمائه إلى محور الوجدانيات الذوقية كلن تعريف المحبة باللفظ و التصريح من أصعب الأمور حتى قال الشيخ عبد العزيز الدباغ: ” إن المحبة لا يعبر عنها حقيقة إلا من ذاقها ، ومن ذاقها استولى عليه من الذهول على ما هو فيه أمر لا تمكنه معه العبارة كمثل من هو طافح سكرا إذا سئل عن حقيقة السكر الذي هو فيه لم تمكنه العبارة في تلك الحال لاستيلائه على عقله ، والفرق بين السكرين أن سكر الخمر عرضي يزول ويعبر عنه في حين الصحو، وسكر المحبة ذاتي ملازم لا يمكن من وصل إليه أن يصحو عنه حتى يخبر فيه عن حقيقته.” …
… ومن روائع ما قيل في تعريف المحبة هذه المناظرة لتي جرت في مكة ورواها أبو بكر الكتاني قائلا:” جرت في مكة أعزها الله تعالى أيام موسم الحج مناظرة فتكلم الشيوخ فيها وكن الجنيد أصغرهم سنا فقالوا هات ما عندك يا عراقي، فأطرق رأسه ودمعت عيناه ثم قال : …
… قالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة، متبلج الوجه (مشرق) في أشفاره طول وفي عينيه دعج (والدعج شدة السواد في شدة البياض) لم تعبه ثجلة (أي عظم بطن) ولم تزر به صعلة (أي صغر الرأس) كأن عنقه إبريق فضة إذا نطق فعليه البهاء وإذا صمت فعليه الوقار. له كلام كخرزات النظم، أزين أصحابه منظرا، وأحسنهم وجها ، أصحابه يحفون به إذا أمر ابتدروا أمره وإذا نهى انتهوا عند نهيه. قال زوجها والله صفة صاحب قريش. ….