بسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله وسلم على سيّد ولد عدنان صاحب القرآن
نَعم، هو حاملٌ للقرآن، نَعَم هو شابٌ رضيُّ الخُلُق، عَلِيّ العَطَاء … تَوجَّهَ بصدق العزم فَنَال مُرادَه مِن حفظ كلام ربّ العالمين والتحصُّنِ بأقوى الحصون وأمنعها: سيّدي مَجدي الطرابلسي واحدٌ من كثيرينَ خَتَموا القرآن في سنّ السابعة والعشرينَ مِن عُمره. ولهذا كرَّمَته الزاوية المدنية بقصيبة المديوني يوم الجمعة 23 جانفي 2009 بتونس العاصمة بِحضور الشيخ محمد المنور المدني وزمرة من فقراء الطريقة المدنية فكانت هذه الكلمات التي خَطَّها سيدي الأزهر اليحياوي تنويهًا بحاملي القرآن وما لهم من نورانية، وحثًّا لهم على تكرار الذكر الحكيم ومراجعته والعمل به، حتَّى تظلَّ الطريقة المدنية سائرةً على نَهج القرآن وعلومه والحديث وعلومه والفقه وعلومه. ولا بدَّ من التنويه بإسهامات سيدي رضا بن فرج، مُقدِّمِ الطر يقة بقرطاج بدفعه المستمرّ لشبّان المدنية حتى ينكبّوا على حفظ كلام الله العزيز
الحمد لله الذي تجلّى لعباده في كلامه، بكمال بَهائه وجَماله، وفتق ألسنة العلماء النّحارير لاستخراج درره ولآلئه، وفجّر قلوبَهم بينابيع الحكم المؤيّدة بأصوله ومَبَانيه، واستفادوا عند غوصهم في أعماقه مِن فَرَائده ومَثَانيه، فَدَحضوا بآياته الباهرة وحججه الظاهرة القاهرة شُبَهَ مَن يُنَاويه ويُعَادِيه، والكلّ معترفٌ بالتقصير، مُغترفٌ حَسَبَ الفهم والتيسير من بَحر أسراره ومعانيه فهو البحر الطَّامي الذي لا يدرك له قعرٌ، والرّوض المونق الذي لاَ يُتْلَفُ منه زَهْر ولا نَوْر. كَيفَ لاَ وهو كلام مولانا العالم بالخفيّات وبما كَانَ وبِمَا هو الآن وما هو آتٍ. والصّلاة والسّلام على سيّدنا ومولانا محمّد مَظهَر الرحمات، المبعوث بخوارق العادات ولوامع البيّنات وعلى آله وأصحابِهِ الكَواكِب النيّرات، جِبالِ اليَقين في اشتداد الأزمات، وكلّ من اهتدى بِهديهم الى أنْ يرثَ الله الأرضَ والسَّماواتِ.
حيّــاه نورٌ وعـــين الضّيـــــاء *** به الكــون أشـــرق أرضٌ وَسَمــــاء
تَجمّــــع فيــه جمــيع البــــهاء *** فما الشمــس ما البــدر بــدر التـمام
عليه الصّـــــلاة عليه السّلام>
ليوســف قــد كـان شـطر الجمال *** وطــــــــه حــــواه بوجــه الكــــــمال
فليـــس له في البــــــرايا مثال *** ولا سيّــــما عنـــد كشــــف اللّثام
عليه الصّـــــلاة عليه السّلام
روي عن النبيّ عليه الصّلاة والسّلام أنّه قال : “أتَانِي جِبريل وإسرافيل وعزرائيل وميكائيل عليهم الصّلاة والسّلام فقال جبريل : “يَا رَسول الله من صلّى عليك عشر مرات أنا آخذ بيده وأُمَرِّرُهُ عَلَى الصّراط”. وَقَال ميكائيل: “أنا أسقيه من حَوضِكَ”. وقال اسرافيل : “أنا أُمَجِّدُ اللهَ تَعَالى ما أرفع رأسي حتى يغفر الله له”. وَقَالَ عزرائيل : “أَنَا أقبض روحه كما قبضت أرواح الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام“.
أمّا بعد،
فإنّه لَمِن دواعي السّرور والبهجة أن يَجتمع هذا الملأ الكريم في هذه الليلة الغرّاء مُحتفلين ومُباركين سعيَ أحدِ أَشبال الطريقة المدنيّة سيدي مَجدي الطرابلسي المتوّج بِحفظ كتاب الله الكريم. وَلَسنا نذيع سرّا اذا قلنا إنَّ الطريقة المدنيّة بقصيبة المديوني مَا فَتِئت تُرَبّي أبناءها منذ نعومة أظفارهم على العلم والعمل ومواكبة الحياة العصرية بِجميع تطوراتِها، ذابّين بذلك عن التصوّف بأرقى وأسمى معانيه، مُمِيطين الأَذَى عَن طريق القوم، وما يُحَاول بعض المتصوفة أن يلحقوه به مِنَ البَلاَدة الفكرية والأفكار الرجعية التي لا تَمتّ لديننا الحنيف بصلة …
هذا، وَلاَ يَخفَى عليكم سادتي الكرام أنّ القرآن هو حَبلُ الله الـمَتين، ونُوره المبين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وَهو العروة الوثقى، والـمُعْتَصَمُ الأَقْوَى وَهو النّور والضياء، وبه النجاة والشّفاء، فِيه نَبَأُ مَا قَبلكم، وَخَبَر مَا بَعدكم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، وَلاَ تَلتبس به الألسنة، وَلاَ تَشبع منه العلماء، وَلاَ تَنقَضي عَجَائبه، وَلاَ تَتَنَاهى غرائبه، لاَ يَأتيه الباطل من بَين يَديه وَلاَ مِنْ خَلفه، تنـزيلٌ من حكيم حميد… كتاب قال فيه مُنَزِّلُه كما تقرءون: “وَهَذَا كِتابٌ أَنْزَلنَاه مُباركٌ، فاتبعوه واتقوا لعلّكم ترحمون”. كتاب لمّا سمعه الجنّ ولّوا الى قومهم منذرين، فقالوا “إنّا سَمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا”. مَنْ قَالَ به صَدَق، وَمَن عَمل به أُجِرَ، وَمن دعا إليه هُدِيَ إلى صراطٍ مُستقيمٍ.
فَالسعيد مِنَّا مَنْ قَامَ بتلاوة آيته، وَتَدبّر مواعظه وبيّناتِه واهتدى بأنواره، وَاقتطف من طيّبات ثِمَاره، وَأَخلص لله العمل بما فيه ووقف عند حدوده وأوامره ونواهيه.
فَقد رَوى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : “قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قَرَأَ القرآنَ فَقامَ به آناء الليل وأطراف النهار يُحلُّ حَلاَلَه، ويُحرّمُ حَرَامَه، خَلصه الله بلحمه ودمه، وجعله رفيق السفرة الكرام البررة، واذا كان يوم القيامة كان القرآن له حَجِيجًا، فَقَال : “ياربّ، كلّ عامل يعمل في الدنيا يأخذ بعلمه في الدنيا إلاَّ فلانا كان يقوم فِيَّ آناءَ الليل وأطرافَ النهار، فَيَحلُّ حَلاَلِي ويُحرّم حَرامي، يقول : “ربِّ فأعطه”. فَيُتوِّجُه الله بتاج الملوك ويكسوه من حلّة الكرامة، ثمَُّ يَقول : “هل رضيت؟” فَيقول : “يَا رَبّ أرغب له في أكثر من هذا، فَيعطيه الله المُلكَ بيمينه والخلدَ بشماله، ثمّ يَقول له : هل رضيت ؟ فيقول : نعم يا ربّ”
وممِّا يدعمُ هَذَا الحديثَ مَا رَواه الطبراني وابن زنْجَويهِ والبيهَقِي عَن مُعاذٍ بن جبل رضي الله عنه قال : “قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ” مَن قرأَ القرآن وعمل بما فيه، ومَاتَ في الجماعة بعثه الله يوم القيامة مع السّفرة والحكام (الأنبياء) ، وَمَنْ قَرَأَ القُرآنَ وَهو يَنفلت منهُ، لاَ يَدعه فَلَهُ أجْرُه مَرّتيْن (مرة لقراءته ومرة لتعبه ومشقته)، وَمَن كان حريصًا عَليه ولا يستطيعه ولا يَدعه بعثه الله يوم القيامة مع أشراف أهله.
وَفَضَّلَهُ عَلَى الخَلاَئق كما فضّلت النّسور على سائر الطيور، وَكَما فضّلت عَينٌ في مَرجٍ عَلَى ما حَولها، ثمّ يُنادي مُنادٍ :
“أينَ الذين كانوا لا تلهيهم رعيّة الأنعام عن تلاوة كتابي ؟ فيقومون فَيَلبس أحدهم تاجَ الكرامة، وَيُعطى الفوز بيمينه، والخلد بشماله، فإن كان أبواه مسلمين كُسِيَا حُلّةَ خَيرًا من الدنيا وما فيها فيقولان: أنّى هذا لنا ؟ فَيقال : بِمَا كَانَ ولدكما يقرأ القرآن”.
فَيا أيها القارىء به متمسكا مُجلاًّ له في كلّ حال متّجلا
وهذا ما أشار إليه الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في قوله:
هنيئا مريــــئا والـــداك عليهـــــــما
ملابـس أنـــوار من التّاج والحلى
فما ظنّكــــم بالنخــل عند جــزائـــــه
أولائــك أهـــل الله والصّفــوة المــلا
روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال صحيح الإسناد:”مَنْ قَرَأَ القرآنَ لم يُردَّ إلى أَرذل العمر”. وذلك قوله:” ثمَّ رَددناه أسفل السافلين الاّ الذين آمنوا”.
قال: الذين قرؤوا القرآن.
عن الامام علي كرّم الله وجهه عن البني عليه الصّلاة والسّلام أنه قال:” مَنْ قَرَأَ القُرآنَ فَاستظهره فأحلَّ حَلاَلَه وَحَرّمَ حَرَامَه أدخله الله الجنّة وشفّعه في عشرةٍ من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النّار”.
وَعَنه رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلم:”مَنْ قَرَأَ القرآنَ وهو فِي الصّلاة كان له بكلّ حرفٍ مائة حسنة، ومن قرأ القرآن في غير الصّلاة على وضوء فله بكل حرف خمس وعشرون حسنة، وَمَن قَرَأ القرآنَ عَلى غَير وُضوءٍ فَله عشر حسنات”.
هَذا سادتي الكرام وقد خصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض السور والآيات بإظهار فضائلها وكشفِ الغطاء عَنْ أَسْرَارها وأنوارها فقال عليه الصّلاة والسّلام فيمَا يَرويه الحاكم في مستدركه بإسناد صحيح من حديث مَعقل بن يسارٍ رَضِيَ الله عنه: “وإنّي أعطيت سورة البقرة من الذّكر الأول، وأعطيت طهَ والطواسين من ألواح موسى وأعطيت فاتِحةَ الكتاب من تَحت العرش”.
وَجَاءَ في خَزينة الأسرار عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: “سمعتُ نَبيَّكم صلى الله عليه وسلم على أعواد المنبر وهو يقول : من قرأ آية الكرسي في دبر كلّ صلاة لم يَمنعه مِن دخول الجنة إلا الموت، وَلاَ يُواضِبُ عَليها الاّ صدّيق أو عَابدٌ، وَمَن قرأها اذا أخذ مضجعه آمنه الله تعالى على نفسه وجاره وجار جَاره والأبيات حولِه”.
رَوى الإمام اسماعيل حقي في تفسيره “روح البيان “: “نزلت سورة الأنعام بمكةَ جملةً واحدةً ليلاً، مَعَهَا سبعون ألف ملك قد سدّوا ما بين الخافقين ولهم زجل (أي صوت) بالتسبيح والتحميد والتمجيد حتى كادت الأرض ترتجّ فقال النبي صلى الله عليه وسلم “سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم وخرّا ساجدا. وروي عنه مرفوعا: “مَن قَرَأَ سورة الأنعام يصلّي عليه أولائك السبعون ألف ملك ليلَه ونَهاره”.
وَرُوي عنه صلى الله عليه وسلَّمَ مَرفوعا “مَن قَرَأَ ثلاثةَ آياتٍ من أول سورة الأنعام الى قوله : “تَكسبون” حينَ يصبح وكّل الله به سبعين أَلفَ ملكٍ يَحفظونه وكَتَبَ له مثل أعمالهم الى يوم القيامة، ويَنْزِل ملك من السماء السابعة معه مرزبة من حديد كلّما أرَادَ الشيطان أنْ يلقي في قلبه شيئا من الشرّ ضربه بها، وجَعَلَ بَينه وبين الشيطان سبعين ألف حجاب، فَإذَا كَانَ يومَ القيامة قال الله تعالى : يا ابن آدم امش تحت ظلّي وكل من ثمار جنتي واشرب من ماء الكوثر واغتسل من ماء السلسبيل فأنت عبدي وأنا ربك، لاَ حسابَ عليك ولا عتابَ”.
روى الحكيم الترمذي عن محمد بن علي ، وأخرج أبو نصر السّجزي في الإبانة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ فِي القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله تعالى، يدعى صاحبها الشريف عند الله، تشفع لصاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر وهي يس”.
روى الطبراني مرفوعا: “مَن قَرَأَ السورة التي يذكر فيه آل عمران يوم الجمعة صلّى الله عليه وملائكته حتّى تغيب الشمس”.
روى الدارمي مرفوعا: “مَنْ قَرَأَ سورة الكهف ليلة الجمعة أضَاء لَه من النور ما بينه وبين البيت العتيق”.
و روى ابن مردويه في “تفسيره” بإسنادٍ لاَ بَأسَ به مرفوعا: “مَنْ قَرَأَ سورة الكهف في يوم الجمعة سَطَع له نور من تحت أقدامه الى عنان السماء ،يضيء له إلى يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين”.
روى الطبراني والأصبهاني أيضًا مَرفوعًا” مَنْ صَلَّى بسورة الدخان في ليلة بات يستغفر له سبعون ألف ملكٍ”.
عَن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “كنت أخشى العذاب على أمتي بالليل والنهار حَتَّى جاء جبريل عليه السّلام بسورة ” قل هو الله أحد ” فعلمت أنّ الله تعالى لا يعذّب أمته بعد نزولها لأنها نسبة الله، وَمَنْ تَعَهَّدَ قِرَاءتَهَا تناثَر البرّ من عنان السماء على رأسه ونزلت عليه السكينة وغشيته الرحمة، فينظر الله تعالى إلَى قارئها فيغفر له مغفرة لا يعذّب بعدها أحدا، وَلاَ يسأل الله تعالى شيئا الاّ أعطاه”.
وما زلنا أيّها السادة الأفاضل مع لوامع أسرار القرآن العظيم وأنواره واليكم سادتي هذه البشرى منقولةً ممَّا رَوَى مسلم وابن ماجه والبزّار مرفوعا:”اذا قَرَأَ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي يقول ياوَيْلي” وَفي رواية يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنّة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النّار.
ورَوَىَ البزَّار بإسنادٍ جَيّد أنّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كَتبت عنده سورة النجم فلمّا بلغ السجدة سجد قال أبو هريرة رضي الله عنه وسجدنا معه، وسجدت الدّواة والقلم”.
هَذَا ما لأهل القرآن فماذا عليهم ؟ لقد أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل القرآن أن يتعاهدوه بالتلاوة والمراجعة، فقد رَوَى الشيخان وغيرهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: “تَعَاهَدوا القرآنَ فو الذي نفسي بيده لهو أشدّ تفلّتا من الإبل في عقلها” في رواية مسلم “انّما مثل صاحب القرآن مثل الإبل المعقلة ان عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت”.
كما أمر صلّى الله عليه وسلّم بتحسين الصوت بالقرآن حتى يكون أبلغ تأثيرا في السامع ورغّب في ذلك بأن قال صلّى الله عليه وسلّم فيمَا يَرويه البخاري ومسلم :”مَا أَذِنَ الله لشيء كما أذن لنبيّ حَسَنِ الصوت يتغنَّى بالقرآن يجهر به”. وَلَقَد ضَرَبَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المثل الأعلى في تشجيع أصحابه على تَحسين أصواتهم بالقرآن فقال لأبي موسى الأشعري : لو رأيتني وأنا أستمع اليك البارحة يا أََبَا موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داوود . وَقَال في حق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “مَنْ سَرَّه أن يسمع القرآن غضّا طريّا كما أنزل فليسمعه من ولد أمّ عبد”. وَقَالَ له يومًا “اقرأ عليّ “، وَلاَ يَخفى ما في هذا من التشريف والتكريم.
فهذا حال القوم، فَمِنْ أَعظم ما يتقرّب به العبد الى الله تعالى من النوافل كثرة تلاوة القرآن واستماعه بتفكر وتدبر وتفهم. قَالَ خبَّاب بن الأرتّ رضي الله عنه لرجل : تقرب الى الله تعالى ما استطعت واعلم أنَّكَ لن تَتَقرَّبَ إليهِ بشيءٍ هو أحبّ إليه من كلامه.
وَقالَ سيّدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه : “لو طَهُرَت قلوبكم ما شبعت من كلام ربّكم. وقال سيّدنا عبد الله ابن مسعود : “مَنْ أَحَبَّ القرآنَ أحبّ اللهَ ورسولهَ. فَمن أحبّ شيئا أكثر من ذكره ولا شيء عند المحبين أحلى من كلام محبوبهم، فهو لذة قلوبهم ، وغاية مطلوبهم كما قال بعض السلف: “إذا أردت أنْ تَعرفَ قدرك عند الله فانظر قدر القرآن عندك”.
وَكَانَ بعضهم يكثر تلاوة القرآن، ثم اشتغل عنه بغيره فرأى في المنام قائلا يقول له : إن كنت تزعم حبي فلم جفوت كتابي أما تأملت ما فيه من لذيذ خطابي وآخر كلامنا كأوله وصدره وعجزه لا يخرج عن قافية”.
وَرَوَت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلّى الله عليه وسلم:”حَمَلَة القرآن هم المحفوفون برحمة الله تعالى، الملبسون نور الله، المتعلمون كلام الله، من عاداهم فقد عادى الله، ومن والاهم فقد والى الله، يقول الله عزّ وجلّ:
ياحملة كتاب الله استجيبوا لله بتوقير كتابه، يزدكم حبّا ويُحببكم إلى خلقه، يَدفع عن مستمع القرآن سوء الدنيا ويدفع عن تالي القرآن بلوى الآخرة، ولَمَستمع آية من كتاب الله خير له من صبير ذهبا وتالي آية من كتاب الله خير له ممّا تَحتَ أديم السماء”.
ونَختم معكم سادتي الكرام هذه العجالة بوصيّة غالية نُردفُهَا بِبُشرَى مِن سيّد الكونين ونور الدارين سيدنا محمّد صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه ومحبيه وسلّم. أمّا الوصية فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال : كنت مع النبي صلّى اله عليه وسلم في سفر فقلت : يا رسول الله حدثنا بحديث ننتفع به فقال عليه الصّلاة والسّلام : “إن أردتُمْ عَيشَ السعداء وموت الشهداء، والنجاة يوم الحشر والظلّ يوم الحرّ والهدى من الضلالة فأديموا قراءة القرآن فإنه كلام الرّحمان وحصن من الشيطان ورجحان في الميزان”.
وَأمَّا البشرى : فقد قال عليه الصّلاة والسّلام : “سَمعت ليلة أُسريَ بِي الحقَّ يَقول : يا محمد مُر أمَّتَك أنْ يكرموا ثلاثة :
الوالد والعالم وحامل القرآن ، يا محمد حذّرهم من أن يغضبوهم أو يهينوهم، فإن غضبي يشتد على مَنْ يُغضبهم، يَا مُحمَّد أهل القرآن هم أهلي جعلتهم عندكم في الدنيا إكرَامًا لأهلها، وَلَولا كون القرآن مَحفوظا في صدورهم لهلكت الدنيا ومن عليها، يَا محمد حملة القرآن لا يعذبون ولا يحاسبون يوم القيامة ، يا محمد حامل القرآن اذا مات تبكي عليه سماواتي وأرضي وملائكتي، يَا محمد إنَّ الجنّة تشتاق الى ثلاثةٍ أَنتَ وصاحبيك أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) وحامل القرآن.
حَشرنَا الله وإياكم في زمرة القرآن وأهله وصلّى الله وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومحبيه الى يوم الدّين .
المراجع :
1) تفسير روح البيان ج 3 ص 2
2) درّة الناصحين في الوعظ والإرشاد ص 39-160-161-328-198
3) أفضل الصلوات على سيد السادات ص 255
4) لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية ص 96-200-201
5) المواعظ السنية لأيام شهر رمضان البهية في ارشاد البرية ص 54-55-56
6) خطب الرسول 74-75-76-77