سيّدي سالِم كَرْكَرْ، رَحمَهُ الله، أصيلُ قَرْية بُوضر، بِولاية المُنَسْتير. كانَ من كِبار العارِفين بالله، المُحَبَّبِينَ إلى قَلْب الشيخ مُحمّد المدنيّ، الذي كانَ يُلَقِّبُه بِصاحِب الهمَّة العالية. توفي سنةَ 1954 إثر مرضٍ قَصيرٍ وهوَ بصدد التَّذاكر مع أخيه في الله سيدي الناصر كِشّيدَة. وقد شَهِدَ سيدي الشيخ المنور المدني يوم الوفاة فَوصفهُ قائلاً: “ذَهبنَا الى قَريةِ بوضر وتحدّث الشيخُ الوالدُ سيدي محمد المدني عن فَضائلِ سيدي سالم كَركَر وتذكّرَ مَناقِبَهُ. ثمَّ لَم يتمالك نفسه عن البكاء الشديد وظلَّ سيدي الناصر كشيده يقبله ويُواسِيه ويقول له:” بربّي كفَّ عن البكاء يا سيدي الشيخ، فقد فاضَت رُوحُهُ الطاهرة وهو يُذاكر”. وكانَ يومًا جلاليًّا. ولمَّا وَارَاه الشيخُ المدني الترابَ قال:” اليومَ أدْفُنُ قِطعةً من كَبِدي”. رَحِمهم الله أجمعين.
ومِنَ كَرَم الله تعالى به أنّهُ أَجرى الحِكمَةَ في قلبه، ورَزَقَه بلاغَة لِسانٍ، وجَزالَةَ بَيانٍ وإنْ لَم يَنتَسبْ لأيَّةِ جامعة. ومِن ذلك، قَصيدته الرائقة:
اللّـه اللّـه ! عَبـدُك نـــــــــــــــــــــاداك *** يُريـد قُربَك يُحظَـى بِســــناك
حبـيبَ رَبّي ! قَلبـي يَهــــــــــــــــواك *** شَيْخـي المُرَبّـي ضاءَ سَــناك
مَدَانـي حِبِّـي، سِرّي ناجَــــــــــــــاك *** صفّـي لي لُبّـي مِن الإشـــراك
يا طبَّ قَلبـي ! طالِب رِضــــــــــاك *** بِسِرِّ القُــــــرْب رَبّـي يَرعـاك
رُوحـي تُلَبّـي عنـدَ نِــــــــــــــــــداك *** بالخِطاب القَلبيّ خَصّك مَولاك
خَمْـرتك تَسبي كُلّ مَن جَـــــــــــاك *** صادِق في الـحبِّ لَيسَ أفّــــاك
في حَضرَةِ رَبّي يُلاحظ عُــــــلاك *** يَرْوَى بالشُّـربِ عنـدَ لـــــــقاك
شكـرًا يا رَبّ. نَفْعَـــــــــــــه دَواك *** انْتَظَم في الحِزب وشَرب مَعاك
جَـدِّدْ في الطّـــــــــــــــلب لأنَّ ذاكَ *** يُزيـل الكَـرْب بِفَضْل هُــــــداك
مِن بَحـر الغَيْب بِلا انْفـــــــــــكاك *** أزَالَ ثَـوبــــــــــــــــي لَمّـا رَآك
كنـزًا بالـذّهب غَشَّاه بَهــــــــــــاك *** فَنَى فِي القُرب وبَقى ببـــــــقاك
فامْنَـح لِقلبي نَظـره بِرضــــــــاك *** بِحَـقِّ الـحُبِّ واللّـي هَـــــــــداك
إلَـى بَحـر الغيب، مِنه سَــــــــقاك *** مِن حَوضِ العَـربي حَقّا أرْواكَ
اسْتَجب لِطَلْبـي بِصالح دُعــــــاك *** احْفَظْنا من السّلبِ بَعدَ عَطـــاك
صلِّ يا رَبِّ عَلى نُور مُصطفاك *** النّـبي العَـربي هُو نُور هُـــداك
وأرْضِـه يا رَبّ يـومَ لِقــــــــــاك *** يَشْفَع في ذَنـب كلِّ مَن يَهــواك
تقديم: ن. المدني، باريس، 16 جويلية 2013.