الطّاهِر، صلى الله عليه وسلم
1. ومِن أسْمائه الشريفة، صلى الله عليه وسلم، طَاهِرٌ. فَهو، صَلَّى الله عليه وسلم، طَاهرٌ في الحِسِّ والمَعنى، مُنَزَّهٌ عن كلِّ عيبٍ ظاهرٍ، لا يَتَناسَبُ معَ علوِّ القَدر الشريف وارتفاع المقام المنيف. فطَهارته الحِسِّيَّة هي النظافة والنَّقاء والنزاهة، فَلا عَيبَ قطُّ في جِسمه اللطيف يعوق دونَ أداءِ أعباء الرسالة.
2. والطَّهارة المعنوية هي تطهيرُ الله سبحانه وتعالى لِجَنابِهِ من كلِّ خُلُقٍ ذَميم، وإكرامه بكلِّ خُلقٍ كَريمٍ، فَقد أثنى الله عليه في القرآن الكريم، وحَفظَه في أقواله وأفعاله وجميع أحواله عَمَّا لا يَرضاه له. قال الله تعالى : “لِيغفرَ لَكَ الله ما تَقَدَّمَ من ذَنبكَ ومَا تَأخَّر”، (الفتح 2) .
3. ولذلك يقولُ سيدنا عمر بن الخطاب، رَضيَ لله عنه: والله، ما تَدري نفسٌ ما هوُ مَفعول بها، إلاَّ هذا الرَّجل الذي بَيَّنَ الله لنا أنَّه قَد غَفَرَ لَه ما تَقَدَّم من ذنبهِ وما تَأَخَّر”، وهذا من تَمام طهارته وبَراءَتِه من الذُّنوب.
4. وَهو، صَلَّى الله عليه وسلم، طاهِرُ الجَنَان، صافِيَ الوِجدانِ، لا تَنْتابُهُ عَوارضُ الغَفْلَة البَشَريَّة، ولاَ تَعتَريهِ آفاتُ السهوِ والغَيريَّة، سَليمُ الصَّدر من حبِّ سِوى الله، عَلِيَّ الهِمَّة، لا يَرجو إلاَّ نَداهُ، نَقِيُّ المُهجَة، لا يَعشَقُ إلاَّ عُلاه، مبرَّأُ الهِمَّة لا تَعْلَقُ بغيرِ مَولاه. بَل هو عَين الطهارَة وماءُ مَعينِها، وفيه سرُّ الإشارَة، ولَه مِفتاحُ العِبَارَة ومَنْزَعُ حَنينِها، بل هو الصَّعيد الطيِّب الذي تُضربُ به قلوبُ العاشِقين، والمَاء الطهور الذي يَغسِلُ كَدوراتِ الطَّالبين. صلى الله وسلم عليه إلى يَوم الدين.
الشيخ محمد المنور المدني.