الروضة الجامعة في تفسير سورة الواقعة
1. كانَ الشيخُ محمد المدَني سَاهرًا على إيصال المَعَارف لمريديه ونَفع عامة القراء من المحبين والتابعين. وبما أنَّ وِردَ الطريقة المدنيَّة العلاوية يَقوم على تِلاوة سورة الوَاقعة مَرَّتَيْن فِي اليوم، فإنَّ الشيخَ أَلَّفَ تفسيرًا لهذه السورة، فأوْضَحَ مَعانيها وأبَانَ عن مبانيها حتَّى تَكون قراءتُها عَن فَهْمٍ وبصيرةٍ. وقد أتَمَّ تأليفَهُ يوم الأربعاء 15 شعبان 1348 هـ، الموافق لــ15 جانفي 1930. وطبع مرَّتين: الأولى بالمطبعة التونسية في 52 صفحة سنة 1949 أي في حياة الشيخ وتحت إشرافه. والثانية بعدها، في 45 صفحة، بمطبعة الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1980، وهو الكتاب الوحيد الذي وَرَد فيه إهداءٌ من الشيخ محمد المدني إلى أستاذه الشيخ أحمد العلاوي.
2. ويتميز بالإيجاز، على نهج علماء التفسير الصوفي، وعلى الترجيح بين الأقوال واعتماد المَشهور منها. وفيه أظْهَر ما تَضَمَّنَته هذه السورة الكريمة من المعاني والبَيِّنات. وقد كَتبها الشيخُ مُحمَّد المدنيَّ، استجابَةً لطلَب بَعض الأفاضل، مِمَن رَغبَ في استجلاء ما في هذه السورة العَظيمَة من العبر والدَّلالاتِ.
3. جَرى الشيخ في تَفسيرِهِ هذا عَلى مُقتَضى المَنهج الزَّيتوني المَتين، المُعتَمَد عندَ أساطينِ المُفَسِّرينَ: من شرحٍ مختصرٍ للمُفرَدات اللغويَّةِ، ووُقوفٍ عندَ الصُّوَر البيانيَّة، ثم اسْترواح لَطائفِ الإشارَات الروحية، التي تُفيدُ عامَّةَ المؤمنين والمريدينَ في السّيْرِ إلى الله.
4. وغالبًا ما كان الشيخُ يَدعَم اختياراتِهِ بالعَودَة إلى أمَّهَاتِ كتبِ التَّفسير مثلَ تَفاسير الألوسي، والقُرطبيّ والبَغَويَّ والطبريّ.
5. ويُعَدُّ هذا الكتابُ القَيِّم مثالاً واضحًا على تمكّن الشيخ مُحمد المدني في فَنِّ التفسير ومن علوم الوَسائل والمقاصد، على حدٍ سواء. ولذلك وَرَدَ كلامه على هذه الآيات جامعًا بينَ طلاوة الشريعة وحلاوة الحقيقة، وكلّ ذلك في أسلوبٍ واضحٍ تَنجلي به آيات الذكر الحكيم وتنكشفُ فيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة.…
ن. المدني باريس 2018.