1. ومِن أسْماء النَّبيء، صَلَّى الله عليه وسلم، “داعٍ”، أوْ “الدَّاعي“. وهو اسمٌ يَنظر إلى قول الله تعالى : ” قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ “(يوسف 108)، صَدَقَ الله العظيم. ويقول جلَّ وعلا في آيةٍ أخرى: ” وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۙ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ “، (الحديد: 8)، فَسَيدنا مُحمد، عليه الصلاة والسلام، دَاعي اللهِ الناسَ إلى التوحيد والشريعة المُطهرة التي شَرَّفنا الله بها عن طريق دعوته.
2. كما دَعا الخليقَةَ بَدْءًا، عِندَ خَلْق الأرواح وابتِداء الأنوار، إلى توحيد الله تعالى، دَعاهُم آخِراً إلى شريعته وما فيه من لطائف الأسرار، بعدَ ظهور ذاته الشريفةِ آخرَ الأعْصار. قال تعالى: “وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (آل عمران: 81) ويقول جلَّ جَلاله : “وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً نذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون”.
3. فَالأنبياءُ والرُّسل وجَميع أمَمِهِم، أيْ كلُّ من تَقَدم وتأخَّرَ من المُكَلَّفينَ، داخِلونَ في عُموم الناس الذين دَعاهم النبي، عليه الصلاة والسلام، إلى تَوحيد الله. فالنَّبيءُ، صلى الله عليه وسلم، هو الداعي إلى الله بالأصالة، وسائرُ الأنبياء والمُرسلينَ إنما يَدعون إليه عَن تَبَعيِّةٍ لَهُ، فكانَ، عليه الصلاة والسلام، المخبرَ الأوَّل عن الله، الداعي إليهِ جَوهرًا، والأنبياءُ، ثمَّ العالِمونَ وَرَثَتُهُم، في الوَرى خلفاؤُهُ ونُوَّابُهُ.
4. يقول صاحب البردة، الإمام البوصيري :
كلُّ آيٍ أتَى الرسلُ الكرامُ بها * فَإنَّما اتَّصلت مِن نوره بِهِمِ
فإنَّه شَمس فضلٍ هم كواكِبها * يظهرن أنوارَها للناس في الظلم
صلى الله وسلم عليه ما دعا إلى الله داعٍ.
الشيخ مُحَمَّد المُنَوَّر المَدني
8 جوان 2016