بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صلِّ وسلّم وباركْ على سيدنا محمدٍ، الجَوهر المخزون عَدَدَ مَا كان وما يكون، وعَدَدَ ما هو كائنٌ في سرِّكَ المكنون، صلاةً تُرضيه وترضى بها عنُّا، يا مَن أَمره بَينَ الكاف والنّون.
اللهم صلِّ وسلّم وباركْ على سيدنا محمدٍ، الجَوهر المخزون عَدَدَ مَا كان وما يكون، وعَدَدَ ما هو كائنٌ في سرِّكَ المكنون، صلاةً تُرضيه وترضى بها عنُّا، يا مَن أَمره بَينَ الكاف والنّون.
ضَاءت لِمولده الآفاقُ واتَّصَلَت **** بُشرى الهواتف في الإشراق والطُّفُلِ
1-مَشْروعيّة الاحتِفال بالمَوْلِد النبويّ الشريف:
إذا وَضعنَا مسأَلَةَ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في ميزان الشرع فلا نجدها تخرج عن كونها تعبيرًا عن الفرح بِرَسول الله صلى الله عليه وَسَلَّم. وَالفرحُ بِهِ، صلَّى الله عليه وسلّم، مَطلوبٌ بأمْر القرآن في قَولِه تَعَالى: “قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ، فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا”. والاحتفالُ تَعظيمٌ لشعائر الله، وهو مناسبةٌ للصَّلاةِ على النبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وفُرصة للتعبيرٌ عن محبَّته، صلى الله عليه وسلَّم، وشكرٌ للمُنْعِمِ واغتنام هَذا الموعد السنويِّ ليكونَ مَظهراً مِن مَظاهِر الدّين، ووسيلة مشروعة لبلوغ محبة الله عز وجلّ، قال تعالى: “قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحبُّونَ اللهَ فَاتَّبعُونِي يُحْببْكُمْ اللهُ” ، وقالَ صلَّى الله عليه وسلم: “لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكونَ أحبَّ إليه مِن نَفسهِ وَمَاله وَوَلدِه وَالنَّاسِ أَجمعين”.
إذا وَضعنَا مسأَلَةَ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في ميزان الشرع فلا نجدها تخرج عن كونها تعبيرًا عن الفرح بِرَسول الله صلى الله عليه وَسَلَّم. وَالفرحُ بِهِ، صلَّى الله عليه وسلّم، مَطلوبٌ بأمْر القرآن في قَولِه تَعَالى: “ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ، فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا”. والاحتفالُ تَعظيمٌ لشعائر الله، وهو مناسبةٌ للصَّلاةِ على النبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وفُرصة للتعبيرٌ عن محبَّته، صلى الله عليه وسلَّم، وشكرٌ للمُنْعِمِ واغتنام هَذا الموعد السنويِّ ليكونَ مَظهراً مِن مَظاهِر الدّين، ووسيلة مشروعة لبلوغ محبة الله عز وجلّ، قال تعالى: “ قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحبُّونَ اللهَ فَاتَّبعُونِي يُحْببْكُمْ اللهُ” ، وقالَ صلَّى الله عليه وسلم: “ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكونَ أحبَّ إليه مِن نَفسهِ وَمَاله وَوَلدِه وَالنَّاسِ أَجمعين”.
فَالاجتماع بِمناسبة المولد أمرٌ مندوبٌ وقربةٌ من القرباتِ، لشكر الله على أعظم نعمةٍ في الوجود وهي مَقْدَمُهُ صلى الله عليه وسلم إضافةً إلى تثبيتِ قُلوبِ المُؤْمِنينَ بما يَحْتَاجونه من سيرته العَطِرَة وَأَخْبَارِه صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ وذكر معجزاتِه والتَّعريف به حَتىَّ تَثبُتَ القلوبُ بمعرفته والاقتداء به والتأسّي بأعماله والإيمان بمعجزاته والتصديق بآياته مما قد يخوِّلُ المحتفين به أَدَاءَ بَعضِ مَا يَجبُ لَهُ عَلَيهم، بِبَيانِ أوصافه الكاملة وأخلاقه الفاضلة.
وقد كان الشعراء يَفِدُونَ إليهِ صَلَّى الله عليه وسلّم بالقصائد وَيَرضَى عَن عَمَلَهُم، وَيَجزيهم على ذلك بالصِّلاَتِ، فَإذَا كَانَ يَرْضَى عَمَّنْ مَدَحَهُ فَكَيفَ لاَ يَرضَى عَمَّنْ جَمعَ شمَائِلَهُ الشَّريفةَ، فَفِي ذلك تقرُّبٌ منه، عليه السلام، باستجلاب مَحَبَّتِه وَرِضَاهُ.
1-المولد النبويُّ والطَّريقَة المدنيَّة:
مادامَ مصدرُ الطريقة المدنيّة الشريعةَ ومنبعها الحقيقةَ المُتَجَلِّيَّتَيْن في سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، فَهو الأجدر والأحقّ بأن يُحتَفَى به في كل وقتٍ وحينٍ وأن يُحتفلَ بمولده.
وعَلَيه فقد دَأَبَت الطريقة المدنية منذ سنة 1929 على إحياء هذه المناسبة تَأَسِّيًا بما رآه الشيخ محمد المدني (1888/1959) في الزَّاوية العَلَوَيّة بمستغانم بالجزائر باجتماع الفقراء والمنتسبين والضيوف حول مجالس الذكر والمذاكرة وقراءة القرآن وتَدارس السيرة المحمدية، على صاحِبها أطْهَرُ الصلوات وأزكاها، إضافةً إلى التواصل بين أتباع الطريق فيما بينهم وبين شيخهم لاستلهام معاني السلوك والسَّيْرِ.
ومَا يُميِّز أساسًا هذا اللقاء هو حَلقات الذكر حيث تُنْشَد القَصائد المدحيَّةُ للحَضْرَة الإلهيّة والحضرة المُحَمَّديّة انطلاقًا من اعْتِبار الذكر من أجلِّ القُربَات وأفضل العبادات التي يُتَقَرَّب بها إلى خالق الأَرَضِين والسَّموات، الله. وهَذه نُبذةٌ من الأدلَّة التي تُثبتُ مشروعيةَ الجَهر بالذِّكر الجَمَاعيِّ: فَمِن القرآن قوله تعالى: ” الذَّينَ يَذكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِم ”. سورة: آل عِمرَان، الآية: 191 وقوله: ” وَالذَّاكِرينَ اللهَ كَثيرًا وَالذَّاكِرَاتِ، أَعَدَّ اللهُ لَهم مَغفرَةً وَأَجْرًا عَظيمًا”. سورة: الأحزاب الآية: 35 كذلك قوله عز وعلا: “يَا أيُّهَا الذينَ آمَنُوا أذكروا اللهَ ذِكْرًا كثيرًا وًسَبِّحوهُ بُكْرَةً وأصيلاً”. سورة الأحزاب: الآيات: 41- 42.
أما أدلّة السنة المُطهَّرَة، فنكتفي بحَديثَيْن: الأوَّل الذي رواه أبو هريرةَ رضي الله عنه قال: “ قال رسول الله صلَّى اللهُ عَلَيْه وَآلِه وَسلّم:”إنَّ لِلهِ ملائكةً يطوفون في الطرق يَتَلَمَّسون أهلَ الذِّكرِ، فَإذَا وَجَدُوا قومًا يذكرون الله تنادوا: هَلُموا إلى حاجتكم. قال: فيحفُّونَهم بأجنحتهم إلى السَّمَاء الدّنيا. قال: فيسألهم ربُّهم وهو أعلم منهم: “مَا يقول عبادي؟ قال: يقولون يُسَبِّحونك ويكبِّرونَكَ ويَحمَدُونكَ ويمجدونك. قَالَ فيقول: هل رأوني؟ قال فيقولون لا والله ما رأوكَ قالَ: فيقول: كَيف لَو رَأَونِي؟ قال يقولون:”لو رأوك كانوا أشدَّ لكَ عبادةً وأشدَّ لك تَمجيدًا وأكثر لك تسبيحًا“، قال يقول فما يسألوني؟ قال: يسألونَكَ الجَنَّةَ قَالَ: يقول: وهل رأوها؟ قال يقولون لا والله يا رب ما رأوها قال يقول فكيف لو أنهم رأوها؟ قال فيقلون لو أنهم رأوهَا كانوا أشدَّ عَليها حرصًا وأشدَّ لها طلبًا وأعظم فيها رغبة قال فمم يتعوذون ؟ قال: يقولون من النار”. قال يقول وهل رأوها ؟ قال يقولون لا والله ما رأوها. قال يقول فكيف لو رأوها؟ قال يقولون لو رأوها كانوا أشدَّ منها فرارًا وأشدًّ لها مخافةً. قال فيقول : “فأشهدكم أني قد غفرت لَهم”. قَالَ يقول مَلكٌ من الملائكة: “فيهم فلانٌ ليس منهم إنما جاء لحاجة ”. قال: “هم الجُلَسَاءُ، لاَ يَشقَى بهم جليسُهُم”.أخرجه البخاري (8/107) ومسلم (8/68) والترمذي (3600) وأحمد (2/251).
الحديث الثاني: عَن أَنَس رضي الله عنه قال: “قالَ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم:” إذَا مَرَرتُم برياض الجنة فَارتَعُوا“. قالوا:”يَا رَسول الله، وَمَا رياض الجنة؟“قال :”حِلَق الذكر “.
ومما يميِّزُ هَذه الحلق في هذه المناسبة أنَّها تكون مجالاً لأصحاب الصوت الحسن ليرتعوا فيها، مُشنِّفينَ أسماع الحاضرين مثل المرحوم الشيخ المقرئ عَليّ البَرَّاق الذي أحْيى احتفالاتِ سنة 1929 وفقراء مدينة صفاقس مثل المنعّم الشيح سيدي الحاج الطاهر عبد الهادي، وسيدي محمد تقتق، وسيدي المنصف الزكري، سيدي المداني عبد الهادي، سيدي ومراد شبشوب، وسائر فقراء السواسي وخصوصًا الإخوة بن سعيد وغير هؤلاء كثيرٌ.
هؤلاء الفقراء حباهم الله بجمال الأصوات وطلاوتها، والقدرة على تلاوة آيات الكتاب الحكيم من أعماق القلوب، وعلى المديح النبوي لِتَصلَ أصداؤها إلَى قلوب السامعين في يوم لا يعلم أحدٌ يوماً مِن عمر الدهر مثيلاً له. ازْدهت فيه الإنسانية بفرحة غامرة وسعادة لا توصف، واكتست حُلَّةَ الفرح والأنس والبهجة، كيف لا وهو اليوم الذي وُلِدَ فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومن ميزات أهل الطريقة المدنية منذ ما يناهز المائة عام أنها عندما تُجدّد فرحتها بذكرى المولد، تَجعل منها وسيلةً إلى غاية، وطريقًا إلى هدف، إذ تعيد إلى أذهان الفقراء وقلوبهم، من جديد، بَيعَةً صادقةً مع رسول الله، وذلك عَبر الخطب المولدية التي بدأ بإلقَائِهَا سيدي الشيخ محمد المدني سنة 1943 وتضَّمَنَت تَرحيبًا بالحاضرين وثناءً على شيخه الأستاذ احمد العلاوي (ت1934) وتعدادًا لبعض شمائل الرسول، صلى الله عليه وسلم.
وَواصَلَ على نفس النهج سيدي الشيخ منور المدني حيث انقطَعَت الاحتفالات منذ سنة 1958 لأسبابٍ سياسية وبَدأت تستأنف بشكل مُصَغَّرٍ يوم 28 ماي 1969. وبمرور الزمن شهدت مراسم الاحتفال اتساعًا مُطَّردًا من حيث الحضور ومن حيث الإضافات والتجديد والتطوير لتعرف الاحتفالات إلقاء محاضرات ودروسًا علميةً ذاتَ صلة بهذا الحدث مثل: الأبعاد الحضارية للتصوف، الشمائل المحمدية، التوسّل ودعائمه، إضافة إلى تنظيم مسابقات علمية حول الفقه والعقيدة وتنظيم المعارض وعرض أشرطة وثائقية حول تراجم الفقراء وطبع الكتب وتوفير الأشرطة السمعية البصرية لخلق حركية معرفية تثقيفية.
وفي ذات الحين واصل سيدي الشيخ منور المدني إلقاء خطب المولد منذ سنة 1979 إلى اليوم وهي خطب تُطبَع وتُوَزَّع على الحاضرين ويلخص مضمونها في أربع أبعاد: 1- ترسيخ المعاني الصافية للتصوف، 2- التعرض للسيرة النبوية في أجمل تجلياتها. 3- تَناول رَقَائقَ من حياة الأنبياء أو أمهات المؤمنين أو الصحابة ومن يليهم. 4- إرسال بشائر الرحمات للمسلمين ..
إجمالاً، أَضْحَت هذه المناسبة في أدبيات الطريقة المدنية ظاهرة ذات بال وحدثًا كبيرًا رائعًا، يَتَأَهَّب له الفقراء ليجتمعوا في لقاء سنوي إلى جانب اللقاءات الدورية في كنف الصدق والصفاء والانضباط والنظام ليحصلوا على زاد العام ويَرتَووا من حَوْض محبة المختار صلى الله عليه وسلم ..
الأستاذ بدري المدني