نُقدم للسادة القُرَّاء هذه الوثيقة الغالية وهي إجازة عالية، وشهادة راقية أسنَدَها سيدي الشيخ الصادق الصحراوي، رَحمه الله، مُقَدَّم الطريقة المدنية الظافرية في تونس (وشيخه سيدي محمد ظافر المدني، ضريحه في ليبيا) إلى سيدي محمد المدني. كان عمره سبعَ عشرةَ سنة تقريبًا، يجتمع معه في بداية القرن العشرين في محلٍّ صغيرٍ، بنهج طرنجة، بباب الخضراء (تونس العاصمة)، ومعهم حلاق يدعى سيدي حَمودة الدهماني. وقد كان سيدي الصادق الصحراوي، شيخَ سيدي خليفة، والد سيدي محمد المدني. وهناك تَعَرَّف على سيدي أحمد العلاوي الذي زار تونس العاصمة سنة 1908 وطلب منه تَصحيح كتابه: “المِنح القدسية”.
وكان سيدي الشيخ الصحراوي يحب الشاب محمد المدني وهو الوحيد الذي يُدخله إلى بيته علامةً على المعزة، كما كان صديق ابنه سيدي علي الصحراوي، رحمه الله. وظلَّ يزوره إلى أن توفيَ هذا الابن في الخمسينات. وأسند الشيخ الصحراوي هذه الإجازة لتلاوة دلائل الخيرات وهي صيغةٌ عالية في الصلاة والسلام على سيد السادات، صلى الله عليه وسلم.
1. الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمين، والصَّلاة والسَّلامُ عَلى سَيِّدنا مُحَمدٍ، خَاتِم النَّبيئينَ، وإمامِ المُرْسَلين، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ، وسَلَّمَ تَسليمًا كثيرًا إلى يَومِ الدِّين.
2. أما قَبلَ كلِّ شَيءٍ ومَعَهُ وبَعْدَهُ، ولَيسَ عَلَى الحَقيقَةِ إلاَّ الله وَحْدَهُ، ومَن اعتَصمَ بِحَبله المَتين أفْلَح ومَلَكَ، ومَن شَرَدَ عن بَابه الكريم خابَ وَهَلَكَ.
3. وخَيرُ العِباد مَن صَدَق التَّوَجُّهَ إلَيْه، واقتَصَرَ في كُنْهِ الهمَّة في أمْره عَلَيْه.
4. فَيقول أسيرُ ذَنبِهِ، ورَهين كَسْبِهِ، الرَّاجي مِن مَوْلاَهُ غُفْرَانَ المَساوي، مُحَمَّد الصَّادق الصَّحراوي:
5. قَد طَلَبَ مِنَّا ابنُنَا مُحَمَّدٌ بن خَليفَةَ، بن الحاج عُمَر، القُصَيْبي المَديوني، الإجازَةَ في قِراءَة: “دَلائِل الخَيْرات”، فَأَجَزْتُهُ في ذَلِكَ إجازَةً تامَّةً مُطلَقَةً عامَّةً، بِشَرطِهِ المُتَعَيِّن عِندَ أهْلِهِ، لِأَنَّه مِن وَضْعَ الشيءِ فِي مَحَلِّه، وأذِنتُ لَه أنْ يُجيزَ مَن هو أهْلٌ لذلِكَ.
6. وإنِّي التَمَسْتُ ذلكَ من شَيْخِي الفَاضِلَ السَّيدَ أحمد الكَسْراوي، وهو عَن شَيخِهِ العُمْدَةِ الأفضل، الثَّقَةِ الأكْمَل، الرَّاوي المُحَدِّث، الذَّاكِر الأصْلَحِ، العَالِم العَلاَّمَة سَيدي أبي عبد الله محمد، بن عبد الرحمان المَغربي، الحَسَني النَدلاوي، المُلَقَّب “بِشَيخ دَلائِل الخيرات”، في الرَّوضَة المُشَرَّفَةِ، بالمَدينَة المُنَوَّرة، على سَاكِنِها أفْضَلُ الصَّلاَةِ، وأزْكَى التَّسليم.
7. عَن شَيخِهِ صاحِبِ البَرَكَة العُظْمَى، والرُّتْبَة العُلْيَا، سَيِّدي مُحمدٍ بن أحْمَد، عن شَيخهِ سَيِّدي مُحَمَّد بن الحَاج، عَن شَيْخِهِ سَيِّدي مُحمد المَغربي، عَن شَيْخِهِ سَيِّدي عَبد القَادر الفَاسي، عَن شَيْخِهِ أحْمَد أبي العباس الصَّمَعي، عَن شَيْخه سَيدي السَّملالي، عَن شَيْخِه سَيِّدي عَبد العَزيز التَّبَّاع، عَن شَيْخه سيدي مُحمدٍ بن عَبدِ الرَّحمن، بنِ أبي بَكرٍ، بن سُلَيمانَ، بن سَعيدٍ، بن يَعْلى، بن نَجلف، بن موسى، بن عليٍّ بن يُوسُفَ، بن عيسى، بن عَبد الله، بن جندد، بنِ عَبدِ الرَّحمان، بن محمدٍ، بن أحمد بن حَسَّان، بن إسماعيلَ بن جَعفَرَ، بن عبد الله الكامِل، بن حَسن، ابن الحَسَن السِّبْطِ، بنِ عَليٍّ بِن أبي طالبٍ، رَضيَ اللهُ عَنْهُ، وفَاطِمَةِ الزَّهراءَ البَتُولِ، ابْنَةِ النَّبِي، مَولانا مُحَمَّدٍ، صَلَّى الله عليه وسلم. ويُعرَفُ: بِالجَزُولي، القُطبِ الرَبَّاني، نَفَعَنَا الله به وبِمَشائخِهِ وأجْدادِهِ، آمين.
8. وأوصيهِ بِتَقوى اللهِ في السِرِّ والعَلانيَةِ، وبِقراءَة الفَاتِحَة في خَلَوَاتِهِ، وخُصوصًا بَعدَ وِرْدِهِ، وعَلى الله المُيول، في بُلوغ المَأمولِ.
9. وكُتِبَ هذا عَن إذن الشَّيخ المُجيزِ أعْلاهُ، بَسَطَ اللهُ إنْعَامَهُ عَلَيْهِ، في جُمادَى الأولى عام1327، سَبعةٌ وعشروَن وثلاثمائة وألفٍ. (ماي 1909)
الصادق الصحراوي.