مقدمة أوجب الواجبات
بفَضْلٍ مِن اللهِ تَعالى، استَقَيْنا نصوصَ « أوْجَب الواجبات » من تَعاليم القرآن الكَريم والسُّنَّةّ النبويّة المُطَهَّرة، ثمّ من أقوال العارفين بِالله في سِلسِلَة الطَّريق المُبارَكَة. والغَرضُ من هذه الوَصايا أنْ يَجعلها مُريدُ اللهِ المُبتَدئ على ذِكْرٍ منه وأنْ يُراجعَها بانتظامٍ في مُبتَدأ سَيْره إلى الله تعالى، حتى تَصيرَ هذه الواجِبات مَلَكَةً راسخةً ثابتةً لَدَيْه لا يَتَكلّفها، بل يَسيرُ فيها من مَقامٍ إلى مقام ويَتَرَقَّى من طَورٍ روحيٍّ إلى ما يَليه، فَمَقامَات السَّير مُتَداخِلة يُفضي بَعضُها إلى بَعضٍ، وهي لا تتعارَض في مفاهيمِها ولا تَتَعاقب في الزّمن، فكلّها مَأخوذٌ من نِبْرَاس القُرآن ومِشكاة النبوّة وقد ذَكَرَها الحقُّ في مُحْكَم تَنزيلِهِ وعَمِل بها رَسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، خلال سيرَتِهِ العَطرة.
فما على المُريد الطّالِب إلاّ الاهتِداء بهَدْيها والعَمَل بما وَرَدَ فيها، ساعاتِ لَيلِه ونَهاره. نَسأل اللهَ تعالى أن يُوفِّقَنا للقيام بِوَاجباتِه وللنّهوض بالتّكَاليف التي تعبَّدَ بها عبادَهُ ونَصَبَها دليلاً على ربوبيّتِهِ.
1 أوجب الواجِبَات إقامَةُ الصَّلاة لِوَقْتها
أوْكدُ واجباتِ المؤمن التي عليه أداؤها يوميًّا، الاجتهادُ في إقامة الصّلاة لِوَقتها وجماعةً، بقَدر الاستطاعة، فهي معيار الصّدق ومقياس المجاهدات، وهي آخِرُ ما أوصانا به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبلَ أن ينتقلَ إلى الرَّفيق الأعلى.
هذا، وأداء الصّلاة المفروضة مُقدّمٌ على سائر الأنشطة والأعمال الدينيّة والدنيويّة الأخرى، فَبِها يرتاح المُريد، كما جاء على لِسان الصَّادق الصدوق، عليه الصّلاة والسّلام : « أرِحْنا بها يا بلال ». ولَطالما كان الصّوفيّة الكُمَّلُ مَضربَ الأمثال في المحافظة على الصّلاة لوقتها، وذلكَ لعلمهم بما فيها من الوَصل والنّور والسَّكينة. أعاننا الله وإيّاكم على التمسّك بعلائقها المَتينة وأسرارها المَكينَة.