1. أخلاقُ سيّدي محمد المدني، رضي الله عنه، هي ما أجْمَعَ على نُبْلها وفَخامتها، في ذات الآن، مُعاصروه من مُحبِّيهِ، وهم الأغلبية الساحقة وقلةٌ مِن مُناوئيه. بهرهم جوهَرُ أخْلاقِهِ العالية وخصاله الغالية فأقرُّوا له بِالفَضل والأستاذيّة. وما يُؤخَذُ من شهادات الـمُحبّين وإجماع المعاصرين أنَّ الرّجلَ كان في أرفع الذرى من الكَرَم والجود، يَعيش لَدَيْه أكثر من ثلاثين شخصًا يأويهم ويُغنيهم، ولا يطلبُ منهم جزاءً ولا شكورا سوى مُراعاة شَعائر الدَّين والحفاظ على مبادئ الإيمان والإسلام والإحسان.
2. وأما في شوارع بلدة قصيبة المديوني فقد كان الشيخُ مُعزّزًا محترمًا، يُجلُّهُ العامة ويُقَدّرون عِلمَه وإن لم يَتَّفِقوا معه. ومن ذلك أنَّ مَن ابتُليَ بالتدخين منهم يُلقي السجائرَ حين يمرُّ به أو حتى يراه مِن بُعدٍ. ومَن كان يَلهو على قارعة الطريق بِلَعب “الورق” كان يُخفيه إجلالاً لهيبته وتعظيما لحَضرته. لا يكاد من شدة مَهابته يُتَكلَّم أمامه إلا بالخير والحُسنى، ولا يَجرأ على معاندته أحدٌ أبدًا. يَجلس منه المحبون وعامة الناس مَجلسَ المتعلم الوَجِل ويصغون إلى مذاكرته في احترام كاملٍ: آذانٌ صاغيةٌ وقلوبٌ واعيةٌ وأفئدة تَصهرها المحبة الصافية.
ن. المدني
28 فيفري 2020