آراء بعض العلماء في التصوف
الـحَمدُ لله الكريم الـمَنَّان وَنُصلِّي وَنُسلِّم عَلَى سيّدنا مُحمّدٍ، الَمبعوث رحمةً للعالمين وآلِه والصّحب الكرام.
أمَّا بعدُ فَهذه بعض آراء العلماء في التصوف ونبدأ بالأئمة الأربعة.
نقل عن الإمام أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه أنَّه رُفعَ إليه سؤال عمَّا يَفعله بعض الصوفية في الحضرة ومَا يتظاهرون به “هل هم صادقون أم كاذبون”، فأجاب: “إنَّ للهِ رجالاً يدخلون الجَنَّة بدفوفهم ومَزامِيرهم”.
و مِمَّا ذاعَ عن الإمام مالك ابن أنس رضي الله عنه قوله: “مَنْ تَصوَّفَ و لَمْ يَتَفقَّهْ فقد تزندق، ومَنْ تفقَّهْ ولَمْ يتصوَّفْ فقد تفسَّقَ، وَمَنْ جَمَعَ بينهما فقد تَحقَّقَ”.
أُثِرَ عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنَّهُ كان يُجَالسُ الصوفية ويُلازمهم ويَحْترمهم، فَقيلَ له في ذلك، فَقال: “استفدت من مشائخ الصوفية مَا لَم أسْتَفِد مِن غَيرهم في قولهم “الوقت كالسيف إن لم تقطعه بالعمل قطعك بالأمل” وقولهم
“اشغلْ نفسك بالخير فاِن لم تشغلها بالخير شغلتك بضدِّهِ”.
وَكَانَ الإمام أحمد ابن حنبل رضي الله عنه يَحثُّ وَلَدَه على الاجتماع بالصوفية ويَقول: “إنَّهُمْ بَلَغُوا في الإخلاص مقامًا لَمْ نَبلغه”.
وقالَ العلاَّمة سفيان الثوري رضي الله عنه: “أَعزّ الخَلْق خمسةُ أنفسٍ: عالمٌ زاهدٌ وفقيهٌ صوفيٌ وغنيٌ متواضعٌ وفقيرٌ شاكرٌ وشريفٌ سنيٌّ”.
وقال الإمامُ الشَّاذلي رضي الله عنه:”مَنْ لَم يتغلغل في علمنا هذا مات مُصِرًّا على الكبائر وهو لا يَشعُرْ”.
وقال الإمامُ الشبلي رضي الله عنه:”الصوفي منقطعٌ عن الخَلق بالحقّ لقوله تعالى: “واصْطَنَعْتُكَ لنفسي”.
وَقَالَ أيضًا: “الصوفيّةُ أطفالٌ في حِجْرِ الحَقِّ”.
وقال الإمامُ الصقلي رضي الله عنه: “كُلُّ مَنْ صَدَّقَ بِهَذَا العلمِ فهو من الخَاصَّةِِ وكُلُّ مَنْ فَهِمَهُ فهو من خَاصَّةِ الخاصَّةِ وكلُّ مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ وتَكلَّمَ فيه فهو النَّجمُ الذي لاَ يُدركُ والبَحرُ الذي لاَ يُنْزَفُ.
وقال الإمامُ الغزالي رضي الله عنه: “التصوفُ فرضُ عينٍ إذ لا يخلو أحدٌ من عيبٍ أو مرضٍ إلا الأنبياءُ عليهم السلام”.
وقال العَلاَّمة ابن خلدون:” إنَّ طريقةَ هؤلاء القوم لم تَزَل عند سلف الأمة وكِبَارها من الصحابة والتابعين ومَنْ بَعدهم طريقَ الحقِّ والهداية، وأصلُها العكوفُ على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زُخرف الدنيا وزينتها والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة وجَاهٍ والانفرادُ عن الخلق في الخلوة للعبادة.
وكان ذلك عاما في الصحابة والسَّلف ثمَّ لمَّا فشَا الإقبالُ عَلَى الدنيا في القرن الثاني ومَا بَعدهُ جَنَحَ النَّاس إلى مخالطة الدنيا، فَاختُصَّ الُمقبلونَ على العبادة باسم الصوفية“.