هو العالِم الربَّانيُّ والصوفيّ النورانيُّ، الشيخ سيدي عبد العزيز بن محمد بن خليفة بوزيد الحَجْريّ مَنشئًا ومَسكنًا، المَداني طريقةً ونِسبَةً. وُلدَ سَنة 1305 ه الموافق ليوم 10 مارس 1895 ببلدَة بوحجر، من ولاية المنستير من عائلة عِلْمٍ وأدَبٍ وصَلاحٍ. أدْخله والده الكتَّابَ فَحفظَ القرآنَ الكريمَ حفظًا جيِّدًا وعمره 14 سنةً، وفي عام 1909 م انتقَلَ الى جامع الزيتونة المَعمور وانخَرَطَ في سلكه، فَتَلَقَّى هناكَ العلوم اللغويَّةَ والعَقَديَّة والشرعية فَأتقن الرواية وأتمَّ الدرايَةَ عَلى يَد مشائخ أعلام وعلماءَ كِرام، شَهدوا له بالتفوّق والنبوغ. ومن أساتذته المشائخ نذكر سيدي عليّ بلخوجة، سيدي بلحسن النجار، سيدي محمد العزيز جعيط وسيّدي العلامة المحقق محمد الطاهر بن عاشور رَحمهم الله جميعًا.
ووَاصَلَ تَعليمه الزيتوني الى أنْ تَحَصَّلَ على شهادة التطويع في العلوم سنةَ 1918 م وبِمُقتَضَى هذه الشهادَة تَصَدَّى لنفع العباد والبلاد يُفَقِّهُ النَّاسَ في دينهم وينير لهم السبيلَ لرفع مستواهم سلوكيا وأخلاقيا، فَدَرَّسَ فقهَ العبادات والمعاملات وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم العطرة فَتَعَلَّمَ على يَديه العديد من الشباب والكهول والشيوخ .
كما عَمل الشيخ سيدي عبد العزيز بوزيد عَدلاً مُبَرَّزًا من الطبقة الأولى بالمكنين من دائرة قضاء المنستير مدة 18 سنةً، ثم انتقل بنفس خِطَّته الى بلدة بوحجر وذلكَ سَنة 1937 فَباشَرَ عَمله بمَقدُرَةٍ فائقة ونزاهة تامَّة: يُكَلِّفه القَضاء الشرعيُّ بِقسمة التركات على الوَرَثَة فيكون مَحَلَّ ثقة وعدالة حتى أصْبَح الشيخُ مَعروفًا بحسن قسمة الميراث، يَقصده القريب والبعيد .
وفي نفس هذه السنة سُمِّيَ إمامًا خَطيبًا بجامع بوحجر فَأجادَ وأفادَ وكان مَرجِعًا للباحثين ويُنبوعًا صافيا للشَّاربين، يَقصده الأمي وطالب العِلم لحل ما غمض من المسائل المختلفة فيجيب كلاًّ على حسب سؤاله واستعداده .
عَاشَ سيدي عبد العزيز بوزيد في وسط ديني فكانَ متزيِّنًا بالوَرع والزهد والتقوى طفلاً وشابًّا وكهلاً، فامتازَ رَحمه الله بالميل الى معاشرة الأتقياء ومَحَبَّة الصالحين والعُلماء الأبرار فكان كثيرًا ما يُجالس الشيخَ الصالح سيدي الحاج محمد بن فرج بوزيد صاحب الزاوية ببوحجر والذي بِدَورِه عَرَّفه على العالم العامل والصوفي الكامل سيدي محمد المدني، صاحب الطريقة ومعدن الحقيقة. فاتَّصَلَ به وانتظمَ في سِلكه وتَمَسَّكَ بطريقته وذلكَ سَنة 1922م فلازم شَيخَه محمد المدني وصَحبه بصدق ويَقينٍ حتَّى أصبحَ من العارفين برب العالمين. من شيمه الزكية الثبات و الصدق مع شيخه واخوانه سواء في حياة الأستاذ أو بعد وفاته.
فلقد عَاهَدَ ابنَ شيخه الشيخ الحالي للطريقة المدنية سيدي محمد المُنَوَّر المدني منذ سنة 1959 م على الثَّبات على العهد ومُؤَازَرته ومسانَدَته لمواصلة تحمل أمانة الطريقة المدنية ولَم يبخل عليه بالإرشاد والنصح وخدمة الفقراء في المناسبات و غيرها …
تدورُ جلُّ مُذاكراتِه حَول الثبات على العهد ومُلازمة مُواصَلَة الزاوية فَكان “يَقول ويَعمل ويَصل ولا يَقطع”، شأن الأوفياء الأتقياء.
كان لسيدي عبد العزيز بوزيد قلم سيَّالٌ في كل موضوع قصدَ إلى تحريره وأعانه على ذلكَ مهنته “العدالة” فهو المُوَثِّق البارع، كما كانَ في مَيدان الخطابة الامامَ النَّصوح، لَه من الخطب ما بها أخذَ العقولَ وروى الظمْأى، وهو أيضًا المسجل بكتاباته لرحلاته والمعبر بها عن نفحاته.
ومن كتاباته وتأليفه ما يلي :
1- ديوان الخُطب المَنبرية، “مخطوطا ”
2- مَواهب الرحمان على شجرة الأكوان (شرح الوظيفة المدنية) وهو مطبوع.
3- رحلة الحج الشريف ” مخطوطا ”
4- رحلة الجزائر “مخطوطا “