بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صلِّ وسلِّم عَلَى سيِّدنَا محمد شَمس فَلَك الأسماء والصِّفَات
بهذه الكلمات الطيبات، يذاكرنا الشيخ سيدي محمد المنور المدني عن فضائل كلمة التوحيد وأسرارها الفائقة التي تُوصل العبدَ إلى أنوار المشاهدة الربَّانية إنْ ذَكَرَهَا بصدق النية.
يقول الحقُّ تباركَ وتَعالَى في الذِّكرِ الحكيم: “يَا أيُّهَا الذين آمنوا اذكُروا اللهَ ذِكْرًا كثيرًا، وَسبِّحوهُ بُكرةً وأصيلاً” [[سورة الأحزاب، 42.]] . صدق الله العظيم.
إنَّ من أكبرِ نِعَمِ اللهِ ربِّنَا، جلَّ جلالُهُ، عَلَى عِبَادِهِ المؤمنين أنْ أَمَرهم بالذكر الكثير والتسبيح صباحًا وعَشِيًّا حتَّى يَكونُوا بالله، جلَّ عُلاَه، مَوصولينَ، فيذكرَهمْ ويَرْحَمَهُمْ برحمته الواسعةِ، مِصدَاقًا لقوله تعالى: “فاذْكُرُوني أذْكُرْكُمْ”. وَأَفضَلُ الذِّكر كلمةُ التوحيد: لاَ إله إلا الله محمدٌ رسول الله.
وهيَ كلمةٌ ذُكِرَت في القرآن عديدَ المرَّات ومن جُملتها قوله تعالى:” فَاعْلَمْ أنَّهُ لاَ إلهَ إلاَّ الله ” [[سورة محمد، 19 .]].
ولاَ يُمكن للإنسان أنْ يَخرجَ مِن ظلمات الكفر ويدخلَ في نور الإيمان إلا إذا صرَّح بـكلمة التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول صادقًا من قلبه، مؤمنًا بها إيمانًا كاملاً.
ولقد أَثْبَتَ سيِّدنَا محمَّدٌ، عليه الصلاة والسلام، في العديد من الأحاديث النبويَّة فضلَ كلمة التوحيد، ومن بين الأحاديث:
1- ما نَقَلَه كتاب “أقربُ المَسَالِك” في الفقه المالكي ج 2 ص 501: “أفضلُ مَا قلت أنا والنبيئون مِن قَبلي: لا إلهَ إلاَّ اللهُ”. ويقول السادة العلماء:” جَميعُ كلمة التوحيد مُرَقَّقَةٌ، ولاَ يُفَخَّمُ منها إلا لفظُ الجلالة: الله”.
2- ويبيِّن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الثواب الذي يناله المؤمن عندما يقول كلمة التوحيد :”مَن قَالَ لا إلهَ إلاَّ الله صباحًا ثم قالها مساءً نادى منادٍ من السماء ألا اقرِنُوا الأخرى بالأولى”. ويَقصد بكلمة “اقرنوا الأخرى بالأولى” إزالةَ الذُّنوب التي ارتُكِبَتْ بين كَلمتَيْ التَّوْحِيد.
3- يَقول عليه الصلاة والسلام: “مَا مِن حَافِظَيْنِ رَفَعَا إلى الله تعالى مَا حَفَظَا فَيَرَى الله في أول الصحيفة خيرًا وفي آخرها خَيرًا، إلاَّ قالَ الله تعالى لملائكته: اشْهَدُوا أنِّي قَدْ غَفَرتُ لعبدي ما بَينَ طَرَفَيْ الصَّحيفَة. (رويَ عن أنس).
4- وَجاءَ في كتاب “المَيَّارة الكبرى” في الفقه المالكي: الحديث على فضل كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله: قال عليه الصلاة والسلام:” مَن كَانَ آخرُ كلامه لا إله إلاَّ الله دخلَ الجنَّةَ، فالأوَّلُ فيمن يستطيع النطقَ والثاني فيمن لاَ يستطيعه”.
5- رَوَى النَّسَائي أنَّه صلى الله عليه وسلم قال : “قَالَ موسى عليه الصلاة والسلام: يَا ربِّ عَلِّمْنِي مَا أذكرك به وأدعوك به : فقال يا موسى قل لا إله إلا الله، قال موسى عليه السلام: يا ربِّ، كلُّ عبادكَ يقولون هذا، قال: قل لا إله إلا الله قال موسى لا إله إلا أنتَ، إنما أريد شيئًا تخصُّنِي به، قَال: يَا موسى: “لو أَتِتِ السَّمَاوَاتُ السَّبعُ والأرضين السبعُ في كَفَّةٍ، ولاَ إله إلا الله في كَفَّة لَمَالَت بهنّ لا إله إلا الله”.
6- جَاء في كتاب الميارة الكبير أيضًا قال صلى الله عليه وسلم: “يُؤتى بِرجلٍ إلى الميزان ويؤتى بتسعة وتسعين سجلاًّ كل سجلٍّ منها مدَّ البَصَر، فيها خطاياه وذنوبُه فتوضع في كفة الميزان ثم تخرج بطاقة، مقدارَ الأنملة، فيها شهادة أنْ لاَ إلهَ إلا اللهُ، محمد رسول الله، فتوضع في الكفة الأخرى فترجح خطاياه وذنوبَه”. فَصَلُّوا على سيدنا محمد وزيدوا في محبته.
7- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لاَ إلهَ إلا الله ثمن الجنة”.
8- ويُقال “لاَ إله إلا الله مفتاح الجنَّة” ولكنَّ المفتاحَ لا بدَّ لَه من شروطٍ حتى يَفتح الباب، ومِن شُروطه لسانٌ ذاكرٌ، طاهرٌ من الذنوب والغيبة، وقلبٌ خاشعٌ، طاهر من الحسد والخيانة، وبطنٌ طاهرٌ من الحرام والشبهة، وجَوَارحُ مشغولةٌ بالخدمة، طاهرةٌ منَ المَعَاصي.
9- يَقول بعض العلماء: “مَن حَفظ سبعَ كلمات فهو عند الله شريفٌ وعند الملائكة شريفٌ وغَفَرَ الله له ذنوبَه وإنْ كَانَتْ مثل زَبَدِ البحر، وَيَجد حَلاَوَةَ الطاعة، وَتَكون حياته ومماته خيرًا له، أوَّلُهَا أنْ يقول عند ابتداء كل شيء “بسم الله”، والثاني أَنْ يَقولَ بعد الفراغ من كل شيءٍ “الحمد لله”، والثَّالث إذا جَرَى عَلَى لسانه لغوٌ أو عمل سوءٍ، قَلَّ أو كَثُرَ، يَقولُ بَعدَه “أَسْتَغْفِرُ اللهَ”، والرابع إذا أراد أن يقول: أفعل كذا وكذا فيقول على إثره “إن شَاءَ الله”، والخامس إذا استقبله مَكروه يقول: “لاَ حولَ ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم”، والسادس إذا أصابته مصيبة في النفس أو في المال قلَّ أو كَثُرَ يقول: “إنَّا لِلهِ وإنَّا إلَيهِ رَاجِعُونَ”، والسابع لا يزال يَجري على لسانه في آناء الليل وأطرَاف النَّهَار: “لا إله إلا الله”.
10- قال الحسن البصري بمناسبة شرح قوله تعالى:” هل جَزاء الإحسان إلا الإحسان”، قال: “هل جَزَاء مَن قَالَ لا إلهَ إلا الله إلاَّ الجنَّة.
10- يقول ابن عاشر في الفقه المالكي :
وقــــول لا إلــــه إلا الله * محمـــــد أرسله الإلـــــــه
يجمع كل هذه المعـاني * كــــانت لذا علامة الإيمان
وهي أفضل وجوه الذكـر * فاشغل بها العمر تفز بالذخر
وختامًا نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل لا إلاهَ إلاَّ الله. وأن يحشُرَنَا تَحت لوائِها وأن يجعلنا من خدّامها. بحرمة لا إلاهَ إلاَّ الله محمد رسول الله.