نَعرض على حضراتكم نصًا كتبه الشيخ محمد المدني، رَضيَ الله عنه، حوالي سنة 1910 -1911، في الزاوية العلاوية بمدينة تلمسان أثناء الدروس التي كان يلقيها هناك بإذنٍ من شيخه.
“يقول سيدنا حسان بن ثابت، رضي الله عنه، مادحًا النبي صلى الله عليه وسلم :
لَهُ هِمَمٌ لا مُنتَهى لِكِبارها * وهِمَّته الصُّغْرَى أجَلُّ من الدَّهْر.
الشَّاعِرُ يَمدحُ رسولَ اللهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، بأنَّ مَفاخرَه لا تُحْصَى، ومَدَائِحَه لا تُسْتَقصى، ولا يُمكن الإفْصَاحُ عَنْ أَقَلِّ القَليلِ مِن هِمَمِهِ، عَلَيْه السلام، إذ أنَّ أصغرَ هِمَمِه أجلُّ من الدهر، فلا يُمكنكَ التعبيرُ عَنْ مَعانيها، والإحاطةُ بما فيها .
أما هِمَّتُه الكُبْرى، فَلا مُنْتَهى لَها.
والحاصلُ أنَّ التَعبير لا يُحيطُ بِأوْصَافِهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، صَغُرَتْ أو كَبُرَت، ولذلكَ لَم يُدْرِكْ أحدٌ درجةَ رسول الله، صلالله عليه وسلم ، وفي هَذَا المَعْنَى قال البُوصيري:
وكيفَ يُدرك في الدنيا حقيقتَهُ * قَومٌ نِيامٌ تَسَلَّوا عنه بالحلم
وكيفَ تُعرف حقيقتُه، والحَالُ أنه مَظهرُ الجَمال، وذُرْوَة المَجْد والكَمَال، خُلقَ من أجله الملك وعَمَّ نورُهُ الأرضَ والسَّماء.
ومَا أحسن قولَ بَعض المُحِبِّين:
نُورك الكلُّ والوَرَى أجْزَاء * يا نَبيًا مِن جُنْدِه الأنبياء
فَهو رابعة (؟) العَالَمين، ومُرسَلٌ رَحمةً للعالمين، قالَ وهو خَيرُ القائلين: “أنا أكْرَم الأولين والآخرين عَلَى الله، ولا فَخْرَ” (الترمذي عن أبي سعيد الخدري)، ويَكفيه قَولُ الله تعالى: “مَنْ يُطعِ الرَّسولَ فَقَدْ أطَاعَ اللهَ” (النساء: 80).
تحقيق. ن. المدني.
مع العلم سيصدر هذا التحقيق في كتابٍ مستقلٍ.
الزاوية المدنية 15 سبتمبر 2017.