ولا يأتي حِماكَ سَيِّدي إلاَّ مَن كانَ راسفًا في الأسقام، نالَتْ من فؤاده المَعاصي وأنْهَكَتْه الآثام. وما كانَ سَقيمُكَ يدري – ولعلك تُدريهِ- أنَّ نَفسَه عينُ عِلَّتِه، وأنَّ داءَهُ يَطويهِ في أحشاءِ شَهْوته، حينَ يُقَدِّمُ حُظوظَها، ويُجاهِر بمعاصيها. فإن أتى حِماكَ طالِبُ التَّداوي من أهواءِ الأمَّارة، فَلْيَكُن في أخلاقك الرَّضيَّة وطيبِ مُعامَلَتكَ القلبية شفاءُ أسقامِهِ الرَّديَّة.
فَطَبيب الأرواحِ هو الذي يُعالج مَنْ قَصَدَهُ تائِهَ الوِجهَة، حائرَ النَّظرة. وأوَّل، بَل أفضلُ، ما تُداوي به العَليلَ الآئِبَ والمُريدَ التائبَ إلى مولاه أن تسمعه كلامَه، نورَ سَناه، فقد أنزَلَ الحقُّ تعالى من القرآن ما فيه للمؤمنين شفاءٌ، يُزيل بِهَدْيِهِ الهُمومَ، ويُذْهِبُ بِنُوره الغُموم، “ويَزيدُ الذين اهتَدَوْا هُدىً”، وما أشْفى مِن كَلام الله تِرْياقًا، به يَسير المريدُ إلى حَضْرَةِ الدَيَّان، وتَصِحُّ منه المُهجة لِتَصيرَ بيتًا للرَّحْمَن “وَنُنَزِّلُ من القرآنِ ما هو شِفاءٌ ورَحْمَةٌ للمُؤمنينَ”.
ن. المدني
مارس 2015.