1. إنْ عَزَمْتَ عَلَى زِيَارَتِهِ، صلى الله عليه وسلم، فَلْتَطُفْ بِالبَيْتِ العَتيق طوافَ الوَدَاعِ، (…) واشرَبْ ماءَ زَمزمَ، واقصد قَبْرَ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، لا غَيْرَهُ من سائر الصَّحَابَةِ، فلا تُشْرِكْ مَعَه في قَصْدِ الزيارة غيرَهُ. فَإنَّ الكلَّ تَابِعٌ لَهُ. وهو المَقصودُ بالذات، فَإنَّهُ عَيْنُ الرَّحمةِ المُهدَاةِ للمَخلوقينَ “ومَا أرْسلنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً للعالمين“. (الأنبياء: 107).
2. فأخْلِصْ نِيَتَكَ وعَزْمَكَ واقْصُدْ سَيِّدَ الأمة. فَيَا لَها من كرامةٍ أكْرَمَكَ الله بِهَا، ونِعْمَةٍ أنْعَمَ اللهُ بِها عَلَيكَ. (وقم) بالمُهمة، مَع الأدب والتَّعظيم والصَّلاة عليه والتسليم، طاهرَ القَلب منَ الوَصف الذميم، وطاهرَ الجَوارحِ، مع الطَّهارة الكبرى والصغرى. أمّا طَهَارَةُ الثوب والبَدَن فَمن باب أولى وأحْرَى، مُتطيِّبًا، لابسًا أحسنَ الثياب، “ولباس التقوى ذلك خيرٌ“، (الأعراف: 26)، مُجَدِّدًا التوبةَ لِرَبِّ الأرْبَاب، فَرِحًا مَسْرورًا، مُسْتَبْشرًا بِما مَنَحَكَ المَلكُ الوَهَّابُ، مِن التَّشَرُّف بمقام حَضْرَة النبيء الأوَّابِ.
3. ولْيُكثر الزائرُ، في طَريقه، من الصَّلاة على النبيء صلى الله عليه وسلم والتسليمِ عَليه، ويُكَبِّر عَلَى كلِّ شَرَفٍ.
4. فإذا دَخلتَ أيّها الزائر فادْخُلْ بِأدبٍ وَوَقَارٍ وخُضوعِ قَلْبٍ وسَكينةٍ واستحضارٍ، فَإنَّ النبيء صلى الله عليه وسلم حيٌّ في قبره بالاعْتِبَار. فَقِف بقبره الشريف مستقبلاً له، صلى الله عليه وسلم، مَع المُبَالَغَة في الذل والمَسكَنَة، حتى كأنك واقفٌ بَينَ يَديْه، ولا تلتصق به. فَتبدأ بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم قال مالك “يقول السلام عليك أيها النبيء ورحمة الله وبركاته“. ثم يقول: “صلَّى الله عليكَ وعَلى أزواجكَ وذُريتكَ وعَلَى أهلكَ أجمعينَ، كما صَلَّى على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيم، وباركَ عَليكَ وعلى أزواجكَ وذريتكَ وأهلكَ كما باركَ عَلى إبراهيمَ وآل إبراهيمَ في العالمينَ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، فَقد بَلَّغتَ الرسالةَ، وأدَّيْتَ الأمانة، وعَبدتَ رَبَّكَ وجاهدتَ في سَبيله ونَصحتَ لعَبيده، صابرًا مُحتسبًا حتى أتاك اليقين، صلى الله عليكَ أفضل الصلاة وأتَمَّها وأطيَبَها وأزْكاها”. (…)
5. والمطلوب من الزائر حينئذ أن يكثر من الدعاء وطلب الخيرات وشفاعة سَيدِ الكائناتِ وصَاحِبِ المعجزات، صلى الله عليه وسلم.
6. ويَسأل من الله، تَعالى، حسنَ الخِتَام، وهو المَوتُ عَلَى كَلمة الإيمان والإسلام: شَهَادَةِ أنْ لا إلاهَ إلا الله، وأنَّ مُحَمَّدًا رسولَ الله، مبعوثٌ لسائر الأنام. وعَمِّم في دُعائكَ لِجميع المسلمين والمسلمات. وإيَّاكَ أن تنسانا من الدعاء في هاتيك الرياض والأوقات، فإنَّه مَقامٌ فيه الدُّعَاءُ يُستَجَابْ والمناجاةُ تُستَلذ وتُسْتَطابْ. فَيَا لَه من مَقَامٍ ويَا لَه من جَنَابٍ”.
الشيخ سيدي محمد المدني
الأصول الدينية في شرح الرسالة العلاوية، ص. 323.
يُطلق مُصطلحُ “وِرْدٍ” في اللّغةِ العربيّة على الماء الذي يُورَدُ، وعلى وقت الوِرْدِ بين الظّمأين، وعلى النصيب من الماء، وسُمِّيَ النصيب من القرآن ِورْدًا من هذا فيقال لفلان ورد من القران يقرأه أي مقدارٌ معلومٌ وأخيرًا يطلقُ المصطلح على الجُزء من الليل يكون على الرجل أنْ يُصلّيهِ (ابن منظور، لسان العرب، ألجزء السادس، صفحة 908).
والوِرْدُ اصطلاحًا هو أذكارٌ مخصوصةٌ من القرآن وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن آثارِ العُلماء العاملين، يقولها الذاكر في أوقاتٍ يعاودها في اليوم والليلة، فيكون بمثابة الذي يرد الماء لينهلَ منه كلَّما عَطش، وكذلك ذاكرُ الله كلّما شغلته صوارف الدنيا، تعطشت روحه إلى ذكر الله تعالى فوَردَ مناهل الذّكر الزكيّةِ ليطمئنَّ قلبُه إيمانا و تَقَرَّ عينُه انشراحًا. قال تعالى :”أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ“( سورة الرعد الآية 28).
ودليله من السُنّة المُطهرة أنَّ صحابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنَّ شرائع الإسلام قد كثُرت علي فأخبرني بشيء أتشبَّثُ به، قال: “لا يزال لسانك رطباً بذكر الله“(رواه الترمذي). كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة بعض الأذكار على هيئة وِرْدٍ منتظمٍ كل يوم، وندَبَ لذلك قائلا:”من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في كل يوم مائة مرة كانت له عِدْلُ عشر رقابٍ، وكُتبت له مائةُ حسنة، ومحيت عنده مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مما جاء به إلا رجلٌ عمل أكثر منه (رواه البخاري).
وقال صلى الله عليه وسلم : “من قال “سبحان الله وبحمده” في اليوم مائة مرة حُطَّت خطاياه وإنْ كان مثل زيد البحر“( رواه البخاري). وكذلك ورد عن رسول صلى الله عليه وسلم في شأن التوبة والاستغفار قوله : “إنه لَيُغَان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مـائة مرة“( رواه مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم : “يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة“( رواه مسلم)
وقريب من مفهوم الورد ما عُرِفَ بأذكارِ الصَّباح والمساء وهي جملة من الأذكار النبويّة، أُثِرتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقولها أو نَدب لقولها. مثل ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قال حين يُصْبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه“( رواه مسلم).
هذا وقد أُثِر عن ابن سيرين أنه كانت لـه سبعة أوراد، فـإذا فاته شيء من الليل قرأه بالنهار. وكذلك عن الحافظ شيخ الحرم المكي سعد بن علي الزنجاني الذي التزم، لمَّا جاوَرَ مكةََ، نيفًا وعشرين عزيمةً (ورد) من بين المجاهدات والعبادات، وبقي بمكة أربعين سنة لم يُخلَّ بعزيمةٍ منها، كماوَرَدَ عن الإمام النووي ِورْدٌ معين، وهو مكتوب ومعروف.
وقد اتّبع الشيخ سيدي محمد المدني رحمه الله سنن العلماء والصالحين واستنَّ وردًا من القرآن والصلاة على سيد السادات ومن سائر الأذكار و التسابيح المحمدية التي ترفع المريد في مقامات التفريد.
بســـــــــــم الله الرحــــمان الرحيـــــــــم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين وعلى آله وأصحابه وتابعيهم إلى يـوم الدين . أما بعد, فالوظيفة المدنية المسماة “بشجرة الأكوان” أجراها الله على لسان العالم الرباني الشيخ سيدي “محمد المدني القصيبي المديوني” نسجها على منوال الأكابر المتقدمين أهل المعرفة واليقين يقرأها الأتباع بعد قراءة “سورة الواقعة” إثــر صلاة الصبح والمغرب رغبة في الصلاة على النبيء صلى الله عليه وسلم وامتثالا لأمر الله القائل: ياأيها الذينَ آمنُوا صـلّوا عليْه وَسَلّمُوا تَسْليمًا. إنَّ اللهَ وَمَلاَئكتَهُ يُصَلّونَ علَى النَّبيءِ ياأيُّها الذينَ آمَنُوا صلُّوا علَيْهِ وسلّمُوا تَسْليمًا
وبعد الدّعاء وقراءة الفاتحة تقرأ الصّلاة الآتية (ثلاثا), وهي الّتي أجراها الله على لسان العالم الرباني والعارف الرّحماني الشيخ سيـدي أحمد العلاوي” المستغانمي: