2. فأخْلِصْ نِيَتَكَ وعَزْمَكَ واقْصُدْ سَيِّدَ الأمة. فَيَا لَها من كرامةٍ أكْرَمَكَ الله بِهَا، ونِعْمَةٍ أنْعَمَ اللهُ بِها عَلَيكَ. (وقم) بالمُهمة، مَع الأدب والتَّعظيم والصَّلاة عليه والتسليم، طاهرَ القَلب منَ الوَصف الذميم، وطاهرَ الجَوارحِ، مع الطَّهارة الكبرى والصغرى. أمّا طَهَارَةُ الثوب والبَدَن فَمن باب أولى وأحْرَى، مُتطيِّبًا، لابسًا أحسنَ الثياب، “ولباس التقوى ذلك خيرٌ“، (الأعراف: 26)، مُجَدِّدًا التوبةَ لِرَبِّ الأرْبَاب، فَرِحًا مَسْرورًا، مُسْتَبْشرًا بِما مَنَحَكَ المَلكُ الوَهَّابُ، مِن التَّشَرُّف بمقام حَضْرَة النبيء الأوَّابِ.
3. ولْيُكثر الزائرُ، في طَريقه، من الصَّلاة على النبيء صلى الله عليه وسلم والتسليمِ عَليه، ويُكَبِّر عَلَى كلِّ شَرَفٍ.
4. فإذا دَخلتَ أيّها الزائر فادْخُلْ بِأدبٍ وَوَقَارٍ وخُضوعِ قَلْبٍ وسَكينةٍ واستحضارٍ، فَإنَّ النبيء صلى الله عليه وسلم حيٌّ في قبره بالاعْتِبَار. فَقِف بقبره الشريف مستقبلاً له، صلى الله عليه وسلم، مَع المُبَالَغَة في الذل والمَسكَنَة، حتى كأنك واقفٌ بَينَ يَديْه، ولا تلتصق به. فَتبدأ بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم قال مالك “يقول السلام عليك أيها النبيء ورحمة الله وبركاته“. ثم يقول: “صلَّى الله عليكَ وعَلى أزواجكَ وذُريتكَ وعَلَى أهلكَ أجمعينَ، كما صَلَّى على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيم، وباركَ عَليكَ وعلى أزواجكَ وذريتكَ وأهلكَ كما باركَ عَلى إبراهيمَ وآل إبراهيمَ في العالمينَ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، فَقد بَلَّغتَ الرسالةَ، وأدَّيْتَ الأمانة، وعَبدتَ رَبَّكَ وجاهدتَ في سَبيله ونَصحتَ لعَبيده، صابرًا مُحتسبًا حتى أتاك اليقين، صلى الله عليكَ أفضل الصلاة وأتَمَّها وأطيَبَها وأزْكاها”. (…)
5. والمطلوب من الزائر حينئذ أن يكثر من الدعاء وطلب الخيرات وشفاعة سَيدِ الكائناتِ وصَاحِبِ المعجزات، صلى الله عليه وسلم.
6. ويَسأل من الله، تَعالى، حسنَ الخِتَام، وهو المَوتُ عَلَى كَلمة الإيمان والإسلام: شَهَادَةِ أنْ لا إلاهَ إلا الله، وأنَّ مُحَمَّدًا رسولَ الله، مبعوثٌ لسائر الأنام. وعَمِّم في دُعائكَ لِجميع المسلمين والمسلمات. وإيَّاكَ أن تنسانا من الدعاء في هاتيك الرياض والأوقات، فإنَّه مَقامٌ فيه الدُّعَاءُ يُستَجَابْ والمناجاةُ تُستَلذ وتُسْتَطابْ. فَيَا لَه من مَقَامٍ ويَا لَه من جَنَابٍ”.
الشيخ سيدي محمد المدني
الأصول الدينية في شرح الرسالة العلاوية، ص. 323.