1. “والنهي عن الإكثار بالكلام بِغَيْر ذكر الله يَقتضي الأمرَ بالإكثار بِذكر الله، لأنَّ القاعدةَ أنَّ “النَّهيَ عن الشيء أمرٌ بضده”، فكأنه قال: “أكثروا الكلامَ بِذكر الله”، كي تَطمئن قلوبُكم بالحضور مَعَ المذكور، وتَتَأهل لحَمْل الأسرار، ومُشَاهَدَة الأنوار بَعدَ الغَيبَة عَمَّا سوى المَذكور من الأغيار، لأنَّ الإكثارَ من ذكر الله بابٌ للدخول لِحَضرَة القُدْس والتَّمَتُّع بِلَذَّة الأنس.
وقد قال بعضُهم :
والذِّكرُ أعظمُ بابٍ أنتَ دَاخِلُه * للهِ فَاجْعَل لَه الأنفاسَ حُرّاسًا
2. فَالذِّكرُ بابُ الفَلاح، ومِفتاحُ النَّجاح. مَن أكثر منه واجْتهد فيه، واجَهه المذكورُ وأخْرَجَه من الظلمات إلى النور، ولذلك أمَرَ به الحق سبحانه وتَعالى في كتابه الكريم فقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) “، (الأحزاب: 41-43)، فَنَادى المؤمنين وأمَرَهَم بذكر الله كثيرًا،”. من جواهر المعاني،
ن المدني 10 فيفري 2019