كان سيدي الشيخ مُحَمَّد المَدَنِيّ يصوغ عَذبَ القَصائِد وَرفِيعها حينَ يُخاطِبُ كِبارَ العَارفِين، ولكنَّه كَانَ يَلجَأُ إلى الأساليب السَّهْلَة والعِبارات البسيطة حينَ يَتَوَجَّهُ إلى عامَّة المُريدين والمُحِبّينَ من ذَوي المُستوى التحصيلي المُتَواضِع. فيحدِّثُهُم بِلُغَتِهم ويُوصِلُ إلَيْهمِ نفائِسَ المعاني وأغلاها في كلام واضحٍ يَأسِرُ الألباب. وهذه القصيدَة: يا مُنكِرًا علمَ القُلوب نموذجٌ على ذلكَ.
يَــا مُنْكِرًا عِلْمَ القُــلُــوبْ * عَنْ أَهْـــــلِ اللهِ الْبُلَغَـا
إِسْمَعْ لِقَوْلِي يَا مَحْـجُـوبْ * وَلاَ تَكُــــنْ مِمَّنْ طَغَى
عِلْمُ الْـــحَـقِيقَةِ مَطْلُـــوبْ * فِي شَــرْعِ اللهِ يُبْتَغَـى
وَمَـــنْ أَنْــــكَرَهُ مَسْلُوبْ * عَنِ الإِحْسَانِ قَدْ بَغَـى
سِرُّ الأَسْـــرَارِ وَالْغُيُـوبْ * يَرْوِيـــــهِ قَـــوْمٌ نُبَغَــا
عَنْ طَلْعَةِ الْبَدْرِ الْمَحْبُوبْ * عَـنِ الإِلَـــهِ بَلَّغـــــــا
وَحُكْمُــــهُ قَالُوا الْوُجُوبْ * وَفَـرْضُ الْعَيْنِ لاَ يُلْغَى
فَتُدْرِكُ بــهِ الْمَــــَرْغُوبْ * بِدُونِــــهِ لَـــــنْ تَبْلُغــَا
إِرْجَـــــعْ إِلَــى اللهِ وَتُـبْ * خَيرُ الْعِـبَادِ مَنْ صَغَـى
فَــــاللهُ يَغْفِــــرُ الذُّنُــوبْ * فَيَعْفُو عَمَّـنْ قَـدْ لَـــغَى