سيدي الحاج مَحمود بن عُلْوان، رحمه الله تعالى.
كان سيدي الحاج مَحمود بن عُلْوان، رحمه الله تعالى من صَناديد الطريقة المدنية، ورجالاتها الميامين، ولد وعاش في مشيخة سيدي الناصر، من منطقة السواسي (بولاية المهدية)، وكان من آيات الله في الصدق والحسن النية وسلامة الاعتقاد. وقد عَيَّنَه سيدي محمد المدني، رضي الله عنه، مُقَدَّماً للطريقة في منطقته حتى يرشد الناس ويساعدهم عَلى البرِّ والقوى.
ومن الطرائف التي نَذكرها للتاريخ ولاستخلاص العِبَر التربوية أنَّ هذا الرجل كان يَتَنَاول السَّعوطَ (أي النَفَّة الخضراء المعروفة في تونس)، فَلما قَلَّده سيدي محمد المدني ثوبَ التقديم وألبسه مهمة الإرشاد، طَلب منه بذكاء :
- يا سيدي الحاج محمود، أنت الآنَ مُقدمٌ، ترشد إخوانَك لله، وتُعَلمهم للصلاح، فلا تدعهم ينفون أمامك بعدَ الآن.
ففهم الخطابَ، وما كان منه إلا أن ألقى الحقةَ في طابية الهندي، ولم يعد إليه أبدًا، صدقا مع شيخه ورعايةً لحقوق الله.
وكان له صوتٌ رائع، ينشد في الحَضرة، أمام سيدي المدني، ومن خصائصه أنه كان كلما نطق بكلمة: مَدَد، مدد… بَكى وأبكى دون أن يتلعثم لسانُه.
كما كان سيدي محمد المدني، رحمه الله، يُحبه ويُجله، ويزوره في بيته، وكانَ هو يُضيفه الحليب الرائب، وكان الشيخ يَبسط معه ويقول له : أين منابي من الزبدة.
رحمه الله، ووسع قَبرهَ وجعله من رياض الجنة، وثبتنا عَلى عهدهم، يا رب العالمين.
من مذاكرات الشيخ محمد المنور المدني، 30 جانفي 2017.