– سيدي عبد القادر الميلادي: الصحّة الحقيقية هي صحَّةُ القلوب. وهي التي لاَ يَعتَريها الفُتُور.
– سيدي محمد الزينة: وأما البدن فقد ذاكرتَنا بمحضر سيِّدي مفتاح بن شقيريم (من فقراء صيادة)- وقد كانَ ضعيفَ البدن –
“مَا تَفعل ببدنك فهو آيلٌ إلى فناء؟ والعبرة بالرّوح والجوهر.
– سيدي عبد القادر الميلادي: كل شَيء بالتيسير.
– سيدي محمد الزينة: اللهم يسِّر ولا تعسّر.
-سيدي عبد القادر الميلادي: (وقد نظر إلى الرضيع مالك خلف الله وله إذاك ثمانية أشهر) الإمام مالك هو إمامنا وإمام دار الهجرة. وفيه نظرة نَبَويّة قَبل وجوده وولادته. وفيه وردت الأحاديث. و إن شاء الله نسير على هديهم.
– سيدي محمد الزينة: ليت شعري ولكن التشبُّهَ بالكرام فلاحٌ.
-سيدي عبد القادر الميلادي: في التشبّه البركة. على الإنسان أن يحمَدَ اللهَ على المَقَام الذي وَضَعه فيه. وفي ذلك راحةٌ. هل أنت راضٍ بحكم الله حيث وضعك الله. ليس للعبد أن يختارَ، بل الله هو الذي يختارُ. ولاَ بُدَّ أنْ يَكون الإنسان فرحانَ وهكذا يطابق الاسمُ المُسَمَّى مادام الإنسان مسلوبَ الإرادة.
– سيدي محمد الزينة: لكنْ
ليت شعري أهلَ ودّي * هجروا قلبي علام؟
-سيدي عبد القادر الميلادي: كُلُّنَا مذاكرةٌ والحمد لله، رؤيتنا لبعضنا البعض مُذاكرةٌ. عندما يزور الإنسان أحبابَه يَعرف مَقَامه. أنا والله فرحان بكم…
الكلُّ من عند الله ونستقي من بعضنا البعض.
يقال فلان: “سعده كبيرٌ” إذا كان ثريًّا من الناحية الاجتماعية. وسيدنا الشيخ المدني قال: السعيد من سَعِد بالله.فقال(مستشهدا):
يا سعد قوم بالله فازوا * ولم يروا في الكون سواه.
الذي يسعد يَسعد بالله. أهل الله هم يا سعدهم وهنيئا لهم ولكن السعد الدنيوي فانٍ والثَّراء دارُ فناءٍ. ولكنَّ السعدَ بالله باقٍ.وهذه نعمة لاَ تُضاهيها أيُّ نعمة. فيا سعدَ سيدنا الشيخ.
يتنافس السباحون في مضمار السباحة. والكلُّ يَقولُ كم يَغطس فلان وكم ينزل في العمق ليظهروا نشاطَهم. وأما سيدنا الشيخ فقال:
بحرنا بحر عميــق * لا يدرك للعــــــوام
الاّ لذوي التصديق * جاءهم وحي الإلهام.
البحر للعَومِ. ودائما الجواب حاضر.
عاشرت سيدنَا الشيخ 21 عاما بالضبط والحمد لله وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاء لقومه يوما: “خيرُ القرون قرنِي وخيار العصور عصري”. هذه مذاكرة أقولها دائما :”خير العصور عصري الذي قضيته مع سيدي الشيخ وعشته مع سيدي الشيخ المنوَّر المدني. وبالفعل لم نكن نَهدأ أبدًا. ولاَ نمكث في ديارنا أبدًا. لا نقضي أوقاتنا إلاّ في السياحات. قضينا الوقت كله في الخروج، والسياحة والذكر والمذاكرة والنشاط.
في ذلك الوقت، كانت مدينة المنستير مكتظَّة بالقضاة والحكام والمفاتى وباش مفتي. وعندما يزورهم سيدي الشيخ لا بدَّ أنْ يصحبنا معه. وحتى إن زار “السواسي” و”أولاد مولاهم” نحن نذهب معه على الدرَّاجات مع سيدي عبد العزيز بوزيد. ووقتها ليس هناك سيارات والدنيا هانئة والطرق فارغة. وليس ثمةَ إلا المذاكرات والحديث والنشاط.
-سيدي محمد الزينة: وتلك هي الدولة القائمة وأنتم رجالها وَحُضَّانُهَا. الحمد لله “من وجد خيرا فليحمد الله” الذي وضعه في ذلك المقام لأن كل شيء يزول ويذهب أكان جيدا أو رديئا، بسطا أو قبضا، مرضا أو صحَّةً كلها تذوب.
ولاَ يَبقى إلا وجودك مع الرب سبحانه وتعالى ولذلك على الإنسان أن يحصلَ في صغره الزاد ليرتاح في كِبَرِه. في تلك الأيام الإنسان يفرح بها.
تذكرت أيام تلك الليالي * مرت مع العمر كطيف الخيال
لكن الحاصل باقٍ.
-سيدي عبد القادر الميلادي: “وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هَونًا” وليس هناك أثبتُ منَ الأرض، ليس هناك من يتحمّل الثقل مثل الأرض. والعباد يمشون على الأرض هونا. يمشون بآدابٍ وأخلاقٍ وحضور والنقطة الكبرى: “إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سَلامًا” ولا يقولون كذا وكذا ومهما قيل لهم يقولون: “سلاما“. أولئك هم عباد الرحمن. وهذه الآية أنزلت حتَّى نعرفَ كيفَ نتَرَبَّى ونعيشَ في هذه الأرض. وهي مدَارس ولكل مدرسة طريقتها فِي التربية. ولكلٍّ مَا حصَّلَ من الدرجات. ما أحلاها كلمة و”عباد الرحمان” كما لو لَم يكن كل العباد المخلوقين منسوبين كلهم للرحمان. لكنه خصص عبادًا وجعلهم: “عبادي”. فمن هم هؤلاء العباد؟ هم عباد الله “الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما” ومَرُّوا. هذا هو المقام الذي أراده الله. والحكمة أنه نَسَبهم إلَى اسم الرحمان ولم ينسبهم إلى اسم آخر مثل الرحيم أو الوهاب “وَهَب لنا من لدنك رحمة انّك أنت الوهاب”
– سيدي محمد الزينة: ربي يبارك فيكم.
-سيدي عبد القادر الميلادي: اللهم صل صلاة كاملة وسلّم سلامًا تامًّا على سيدنا محمد، نبيٍّ تنحَلّ به العُقَد وتُنَال به الرغائب وحسنُ الخواتم ويُستَسقَى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وصحبه وسلم إلى يوم الدين، سيد المرسلين سيدنا محمد. اللهم رب يسِّر أمورَنَا واغفر ذنوبَنَا واجعل القرآنَ ربيعَ قلوبنَا ومتِّعنَا بالنظر إلى وجهك الكريم في جنة النَّعيم بشرط أنْ تكون راضٍ عنَّا فكيف ندخل الجنة وأنت غير راض عنا، ورَبِّي يُصلِح حَالَنَا وحال ذريتنا ورب يوفقنا إلَى ما فيه صلاح الدين والدنيا وربي ينوِّر البصر والبصيرة. وربي يفتح علينا فتح العارفين بالله. وسيدنا محمد المدني اللهم اغفر له وارحمه وارحم به أهل المقابر.
وسيدي الحاج المنور ربي يزده في القوة والنشاط بحق صاحب المعجزات وربي يرزقنا وإياه القوة ويزيدنا في المحبة والود والعشق الإلهي بجاه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تدوين مدني.