يقول سيدي الشيخ محمد المدني: “قرأتُ تلكَ الرّسالةَ، رسالةَ المنحة في اتخاذ السبحة في كتابه: “الحاوي للفتاوي“، لجلال الدين السيوطي، رحمه الله، فرأيتُه قد أجادَ فيها وأفادَ وجَمَع فيها من الأدلة ما فيه الإرشاد لأهل الرَّشَاد والردُّ عَلى أهل البَغي والعناد، فَعليكَ بمطالعتها والله ولي التوفيق والسداد وقد أحببتُ أن أذكرَ من تلكَ الرسالة من الحديث المسلسل تبركًا برجاله الكرام وعلمائه الأعلام”.
“وقَد رَويتُ في ذلك حديثًا مسلسلاً وهو ما أخبرني به شيخُنا الإمام أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد الله مِن لفظهِ ورأيت في يده سِبحة.
– قال أنا الإمام أبو العباس أحمد بن أبي المحاسن يوسف بن البانياسي بقراءتي عليه، في يده سبحة.
– قال: أنا أبو المظفر يوسف بن محمد بن مسعود الترمذي ورأيت في يده سبحة.
– قال: قرأت على شيخنا أبي الثناء ورأيت في يده سبحة.
– قال أنا أبو محمد يوسف بن أبي الفرح عبد الرحمن ابن علي ورأيت في يده سبحة.
– قال أنا أبيّ ورأيت في يده سبحة.
– قال: قرأتُ على أبي الفضل بن ناصر ورأيت في يده سبحة.
– قال: قرأتُ على أبي محمد عبد الله بن أحمد السَّمَرقندي ورأيت في يده سبحة.
– قلت له: سمعت أبا بكر محمد بن علي السلمي الحَداد ورأيت في يده سبحة. فقال: نعم.
– قال: رأيت أبا نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر للقرى ورأيت في يده سبحة.
– قال: رأيت أبا الحَسن علي بن الحسن بن أبي القاسم، المُتَرَفّق الصوفي وفي يده سبحة.
– قال: سمعت أبا الحسن المالكي يقول وقد رأيت في يده سبحة فقلت له: يا أستاذ وأنت إلى الآن مع السبحة؟ فقال: كذلك رأيت أستاذي الجنيد وفي يده سبحة.
– فقلت: يا أستاذ وأنت إلى الآن مع السبحة؟ قال: كذلك رأيت أستاذي سري بن مغلس السقطي وفي يده سبحة.
– فقلت: يا أستاذ أنت مع السِّبحة؟ فقال: كذلك رأيت أستاذي معروف الكرخي وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه فقال كذلك رأيت أستاذي عمر المكي وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه فقال كذلك رأيت أستاذي الحَسن البصري وفي يده سبحة.
– فقلت: يا أستاذُ، مَعَ عِظَمِ شَأنكَ وحُسن عبادَتكَ وأنتَ، إلى الآن، مَع السِّبْحة؟
– فقال لي: شَيءٌ كنَّا استعملناه في البدايات ما كُنَّا نَتْركه في النِّهايات. أحبُّ أن أذكرَ اللهَ بِقلبي وفي يَدي ولِساني.
– فلو لَم يكنْ في اتخاذ السبحة غيرُ موافقة هؤلاء السَّادة والدُّخول في سلكهم والتماسِ بَرَكَتهم، لَصَارَت، بهذا الاعتبار، مِن أهَمّ الأمور وآكَدِها”.
الشيخ سيدي محمد المدني، بُرهان الذاكرين، فصل السبحة.
– قلتُ: وكأن سيدي الشيخ المدني، أرادَ أن يَشملَ هَذا الأثرُ المبارَكُ، المَرْوي بالتسلسل، كلَّ سادِتِنا الذاكرين وأن يَضُمّهم بروايته إياه في سلك هؤلاء العلماء العاملين. فلنَفْرَح بها بشارةً ولنهنأ بها بُشرًى وأمَارة على اتصال نسبتنا المدنية بهؤلاء الرّجال. ولتكن السبحة وسيلتنا للتقرب إلى الله في هذه الأيام المباركة.
– تحقيق وترجمة، ن. المدني
– 17 أكتوبر 2020.