ومن أسمائه الكريمة الشريفة، صلى الله عليه وسلم، وهما مُبَشِّر وبشير ومَعناهما قريبان يدلاَّن عَلى التَّبشير، والبِشارَة بالخَير والسَّعادة . ويَقول العلماء: البِشارَة المطلقة لا تكونُ إلاَّ بِالخَيرِ، وسُمِّيت بذلك (أي : البشارة) لِتأثير البَشَرَة وهي ظاهرُ الجِلد عند الإخبار بِالأمر المُبَشَّر به. فقد أخرجَ الطَّبَراني، عن ابن عَباس، رضي الله عنهما، أنه قال: لَمَّا نَزلت: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)45: الأحزاب) وكانَ قَد أمَرَ علياً ومعاذاً أن يسيرا إلى اليمن ، فقال: انْطلقَا، فَبَشِّرا، ولا تُنَفِّرا، ويَسِّرا ولا تُعَسِّرا، فإنَّه قد أنزل عَلَيَّ : “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا“، يَعني: شاهدًا عَلى أمتك، ومُبشراً بالجنة، ونَذيرًا من النار، وداعيًا إلى شهادة أنْ لا إله إلا الله بإذنهِ، ومُنيرًا بِالقرآن.
ويَقولُ سَيِّدنا، رَسول الله صلى لله عليه وسلم : أنا أوَّلُ النَّاس خروجًا، إذا بُعثوا، وأنا مُبَشِّرهم إذا أيِسوا”. ومعنى اسمه “مُبَشِّر” لأهلِ طاعَته بالثواب، وقيل: بِالمَغفرَة، وقيل: بالجَنَّة، وقيل: بالشَّفاعَة، فَهو، صَلَّى الله عليه وسلم، بَشيرٌ للمتقين برضا رَبِّ العالمين، وبَشيرٌ للخائفين بالأمن يومَ الدين، ومُبَشِّرٌ للمشتاقين، لوجه المَلك الحَقِّ المبين .
وسيدنا محمد صل الله عليه وسلم هو عين الرحمة يقول فيه تعالى: “وما أرسلناكَ إلاَّ رَحمةً للعالمين“، ويقول عليه الصلاة والسلام “إنَّما أنا رحمة مُهداةٌ”.
رَوى محمد بن الحنفية على سيدنا عليِّ، كرَّم الله وجهه، أنه قال لما نزل قوله تعالى “فَاصفَح الصفح الجميل“، قال جبرائيل: وما الصفح الجميل؟ قال عليه السلام: إذا عَفَوتَ عمن ظلَمَكَ، فلا تعاقبه. فقال يا جبريل فالله تعالى أكرم من أن يعاتب من عفا عنه. فبكى جبريل وبكى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث الله اليهما ميكائيل عليه السلام وقال إنا ربكما يقرئكما السلام ويقول : كيف أعاتبُ مَن عَفوتُ عَنه ،هذا ما لا يشبه كرمي.
والقرآن أغلبه بشارات برحمة الله سبحانه وتعالى لأنَّهُ رَبٌّ رحمنٌ رَحيم، يُبَشِّر عِبادَهُ المُؤمنينَ بالغُفران والهُدى والرَّحمة، يقول الله تعالى : “يُبَشِّرهم ربهم برحمة منه ورضوان“. صدق الله العظيم .
ويقول عليه الصلاة والسلام: “أنا دَعوةُ أبي إبراهيم، وبشارة عيسى“، (الحاكم، المُستدرك، وأحمد، المُسنَد) فهو بُشْرى لأهْل اللهِ بالأنْوار والمَعارف، وهديةٌ لهم بالرَّقائق واللطائف، وساقٍ لقلوبهم كاساتِ القُربِ والمؤانسات، وراقٍ بهم نحوَ القربِ والنفحات، بِشارة البَشائِر والداعي إلى الفضائل والمآثر، صلى الله وسلم عليه ما نارت به السرائر.
الزاوية المدنية
18 جوان 2016