1. “أمَّا قصائدُ الأستاذ المشتملة على الوعظ والحِكَمِ والرقائق ومَدح الحقيقة المُحمدية، والغَوص في بحار الأحَديَّة، فهي أكثر من أن تحصرَ. وكذلكَ أجوبته عَن الأحاديث والآيات والمُشكلات والمُتشابهات التي يُسألُ عنها، فَيَحلُّ مُعضِلَها ويُوضح مشكِلَها، ويَأتي فيها بما هو فوق مُراد السائل، مِنها أنَّه سأله بعض عُلماء مدينة وَجْدة (المغرب) عن قوله صلى الله عليه وسلم : “صَلِّ صَلاةَ مُوَدِّعٍ كأنك لا تصلي بعدها أبدا“، فَشَرَحَه بما يبهر العقول من فهم العامة والخاصة وخاصة الخاصة. وعَضَدَ جميعَ ذلك بالدلائل والنقول كما سيأتي في فصل خاص.
2. أمَّا إذا جَلَسَ للوعظ فإنه ينبه القلوب من سِنَةِ (نوم) الغَفلة ويَشفيها من كل مَرَضٍ وعلَّة حتى إن الحاضرين يخيل لهم مشاهدة الجنة ونعيمَهَا، والنارَ وجَحيمَها، يَأخذهم الخَجَلُ (أي من الله بسبب ذنوبهم) ويعلو وُجوههم الاصْفِرار والوَجَلُ.
3. وإذا تَكَلَّم في الحقائق فَحَدِّث عنه ولا حَرَجَ، فَهو البَحر الخِضَمُّ الذي لا ساحل له، يَأخذ بمجامع القلوب، ويَزُجُّ بها في حضرة علام الغيوب، حتى إنكَ تَتَيَقَّن أنَّ ما يتكلم به محضُ إلهامٍ وفَيضٌ دافق من حضرة المَلك العَلاَّم، لذلكَ تَرى الفقراءَ عندَ سَمَاع تذكيره، منهم الصائحُ الباكي، ومِنهم المَغشي عليه، ومنهم الباهتُ ومنهم الداهشُ، ويَجمع البَصائر والأبْصَارَ في حَضرة القدس.
1. للهِ دَرُّكَ يا إمـــــــامُ، لَقَد غَــــدا * مِن الثَّرَى إلى الثريا سِرُّكَ لامِعُ
2. فَأنتَ إمامُ الوَقتِ، لا شكَّ والذي * يُخالفُ هَذا فَحَسـودٌ مُنـــــــازِع
3. فَكم أيْقَظتَ من قُلوبِ تَغَافَلَــت * فَقَامَتْ إلى الخَيرَات عَزمًا تُسارِعُ
4. وَكَــمْ رَفَعتَ للشهودِ مِن صَـادِقٍ * فَـــزَالَ عَنه حِجابُه المَــانِــــــــعُ
5. فإنْ نَظــــرَتَ إلى المُريد أغْنَيْـتَه * وإن نَطَقتَ تَنفي الأكوَان وتَجْمَعُ
من كتاب برهان الذاكرين، ص. 29، ط. 3، 2007.
ن. المدني، 3 سبتمبر 2017.