بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على مَولانا محمّد، الذي لولاه ما سارَ الحجيج إلى مكةَ ولا قصدوها ولا حنَّ العُشَّاق إلى طيبةَ ولا أمُّوها وعلى آله وصحبه الميامين الذين عرفوا الحقيقة الأحمدية فأحبوها.
ذاكرَنا الشَّيخُ، سَيدي مُحَمَّد المُنَوَّر المَدَنيُّ، أطالَ اللهُ بقاءَه، يومَ السبت 12 ماي 2012 بالزاوية المدنية بقصيبة المديونيّ قال:
لَمَّا في كنَّا في طريق الحجّ، سنة 1955، مع الشيخ الوالد سيدي محمد المدني وجمعٍ من الفقراء، وَصلنَا إلَى مَدينة القاهرة في انتظار المركب الذي سَيُقلِّنَا من قَناة السويس إلى ميناء جِدَّةَ. فَذَهبنَا إلى جامع الأزهر الشريف لِأداء صَلاتَيْ الظُّهر والعَصر. وكان إمام الصلوات الخمس آنذاكَ الشيخ العالِم العامل سيدي صالح الجعفري [[صالح بن محمد بن صالح بن محمد بن رفاعي الجعفري.
ولد في مدينة دنقلا (شمالي السودان)، وتوفي في القاهرة.
عاش في السودان، ومصر.
هاجر إلى مصر لتلقي العلم بالأزهر، فحصل على الشهادتين: الأهلية والعالمية، كما حصل على الإجازة العالية مع إجازة تخصص بالتدريس من كلية الشريعة الإسلامية بالأزهر.
عين إماما وخطيباً ومدرساً بالجامع الأزهر، فاتخذ من رواق المغاربة خلوة، اعتكف فيها للعبادة والعلم. وكانت له حلقة درسٍ عقب صلاة الجمعة بالأزهر اشتهر بها.
أسس مساجد ومستوصفات خيرية ومشاغل للفتيات، وبنى مسجداً بالدرّاسة، دفن فيه.
]] ، رحمه الله تعالى. فَصَلَّى بنا الظهرَ وألقى بعد ذلكَ –كعادته- درسًا ثمَّ صلَّى بنَا العصر.
وبعد الفراغ من الصلاة، خرجنا إلى صَحن جامع الأزهر وجَلَسَ الفقراء حول الشيخ الوالد سيدي محمد المدني للمذاكرة. وبعدَ هُنَيْهَةٍ، خَرجَ الشيخ صالح الجعفري فوجد الفقراء المدنيينَ – وهم في أحسن صورة: نَيِّرةٌ لِحاهُم، مَهيبةٌ عمائمهم- ملتفينَ حولَ شيخهم سيدي المدني. فَجلسَ حذوَ الشيخ الوالد وتحدَّثا عَن الرَّسول، صلوات الله وسلامه عليه، ولما طاب المجلس وراق الشرابُ، نَظَرَ الشيخ الجعفري إلى الوالد وطلب منه بِلطفِ العارفين:
– ماذا لو أنشدنا بعضَ القصائد في المديح النبويّ؟
فأجابه الشيخ المدني والفقراء إلى ذلكَ بأدب المخلصينَ. وشَرع الشيخ صالح الجعفريّ يُنشد قَصائدَه -إذ كانَ له ديوان- وبَعدَ قَصيدتَين أنْشَدَ قَصيدة : أهل الله راهم حازوا” (دونَ علمٍ بأنَّ مُؤلِّفَهَا حاضر). فتابعه فقراء الطريقة المدنية لأنَّهم يحفظونها جميعًا فَهَمس الشيخ الجعفري قائلاً لسيدي المدني:
– هَذه القصيدة لشيخٍ تُونسيٍّ، يُدعى سيدي محمد المدنيّ فهل تَعرفونها؟
فتبسَّم الشيخ المدني وقال:
– العبد الضعيف الماثل بينَ يديكم هو الشيخ محمد المدني نفسُه.
وبعد الفراغ من القصيدة تعانق الرّجلان عناقًا حارًّا وسلَّم على كل الفقراء وأهداهم المشروبات. وصرنا نجتمع كلَّ يوم في صحن جامع الأزهر إثر صلاة العصر مدة ثلاثة أو أربعة أيام حتى حان وقت السفر على المركب من قناة السويس إلى ميناء جدة للقيام بالحج.
قال ن. المدني، غَفرَ الله له: سَمعتُ هذه المذاكرة بِعَيْنِهَا من سيدي الحاج حسن الزينة قبيلَ سنة 1990، وكان من جُملة الحاضرين في هذه الواقعة المباركة، طيب الله ثَراهم أجمعينَ.
تدوين ن. المدني.