مِن عادة أهل الله العاشِقين الواصلين التغنّي بالحقيقة الربّانيّة الباهرة. ومِن عادَتهم أيضًا الترميز إلى تلك الحقيقة السَّنيَّة – على سبيل السَّتْر والذلّة والتَّواضُع- بأسماءٍ مثل: لَيلى وسَعدى ومَيْ… وذلك حتى يُعبِّروا عن لَطيف مواجيدهم بِلغَةٍ شعريّة صافية رقيقة، وهم في ذلك يتبعون سيّدنا كعبًا بن زهير الذي صدر قصيدته ب: “بانت سعاد” أمام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقد جرى الشيخ سيدي محمد المدنيّ على هذا النهج فَتَغَنَّى بجمال ليلى. وما هي إلا رمزٌ للحقيقة وإيماءٌ إلى عميق الأشواق ورفيع الأذواق…
أعنــــــدك من ليلى حَديثٌ مُحَــرّر * فارو عليّ كـــــــــــي يزول التّحير
وأنْعش فؤادي مــــــن لطيف كلامه * فإيــــــــــراده يحي العظام وينشر
فعهدي بها الـــعهد القديــم وإنني * من ذاك العهد فـي الوصل لا أهجر
ومهما بذلت روحـــي مهرا فإنّــني * على كلّ حال في هـــــواها مقصّر
وقد كان منها الطـيف قدما يـزورني * فيبدو جمال مـــــن سناها لا يحصر
فأضحى وقد شكا طرفي من بعادها * ولمّا يـــــــــــــــــــــزر ما باله يتعذّر
فهل بخلت حتّى بطيــــــف خيالها * أم الصدّ بان فالقليب لا يصبر قل لي
رعـــــــــاك الله هل صدّ طـــــــرفها * أم اعتلّ حتّى لا يصحّ التّصـــــــــــوّر
ومن وجه ليلى طلعة الشمس تستضي * وفي كل شـــــــــــيء للجمال تطوّر
تأمّل سطـورا في الآفاق جميلة * وفي الشمس أبـصار الورى تتحيّر ما احتجبت
إلاّ برفع حـــــــــــــــــــــــــــــجابها * ومن قربه انســـــــان العين لا يبصر
وحتما لعـــــــــمري أن أقول معتبرا * ومن عــــــــــجب إنّ الظّهــور تستّر