خطبة المولد النبوي الشريف 2010م 1431هـ

by | خطب المولد

Home الشيخ حياته وآثاره مؤلفات الشيخ سيّدي محمّد المنور المدني خطب المولد خطبة المولد النبوي الشريف 2010م 1431هـ

بسم الله الرّحمن الرّحيم

اللّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا ومولانا محمّد،وعلى آل سيّدنا محمّد الّذي تتوّج بتاج العزّة فأدرك كمالها ، وتحلّى بنور حلّة السيّادة فنالها .

علــيـك بالصّدق فـــي حــبّ الحبـــيب فما ** بـغــيـره لــــك تحــصـيـــل وتـــــوصــيـــــــل

محــمّد خــيــــــــر خــلـق لله أفــضلــهــم ** لــــديــــه ســــــيّان مــفــضــال ومفــضـــول

أصــل النبــيين قـــدمــا وهـــــو خاتمهم ** أفـــمـنـه للـــكــــلّ اجـــمـــال وتــــجـمــيــــل

الحمد لله صاحب العظمة والجلال ، الواحد الأحد الكبير المتعال، أشهد أنّ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له في الذّات والصفات والأفعال، وأشهد أنّ سيّدنا ومولانا وحبيبنا محمّدا عبده ورسوله المنقذ من الجهالة والهادي من الضلال :

كرّر محـــامــد خـيـر المــرسلــيـن عــلى ** سـمـع المـــحبّيــن واشـــرح لـــي فــضـائــله

فــكلــّمـــا كـــرّرت تحــلـو لـسـامـعــــهاَ ** تـــبــارك الله مـــا أحــــلـــــى شـــمــائــــلـــه

فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم فيما لهم من محاسن الخصال .

أمّا بعد فيا أيّها السادة الأفاضل إن أحببتم أن تكونوا في شفاعته فصلّوا عليه وزيدوا في محبّته .

مائة عام مرّت على نشأة الطّريقة المدنيّة بقصيبة المديوني ( 1910-2010 للميلاد ) وكأنّها يوم مرّ أو ليلة انقضت بالسّهر ، مائة عام مرّت من عمر الطّريقة المدنيّة العلاوية الشّاذلية الصّوفيّة وما هو بالعمر الطّويل في اعمار المبادئ والمدارس والطرق الّتي تستمدّ بقائها من العناصر الخالدة في دين الله الّذي جاء به سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم لتوضيحه .

هوّ الإيمان إن نظرنا إلى اليقين الباعث والعقيدة الدّافعة ، هوّ الإسلام إن نظرنا إلى السلوك الظاهر والعمل الجليّ ، وهو الإحسان إن نظرنا إلى كمال الأداء والوفاء .

الخمسون سنة الأولى من المائة كانت سنوات التأسيس والتشييد والتثبيت قضاها والدي الشّيخ سيّدي محمّد المدني 1910 إلى 1959 للميلاد قدّم للنّاس ما عنده لأنّه رجل أقبل على الله فجمع الله قلوب النّاس إليه ، لأنّه رجل صاحب جراب علم ومعرفة وأخلاق إذا حرّكته زادك إعجابا وشذى ، لأنه رجل أناخ قلــبه

في واحة العطاء فنوّر القلوب بإرشاده خمسون سنة قضاها في بناء الطّريقة المدنيّة لبنة لبنة ، وتشييد معالمها مستمدّا أصولها من الذكر الحكيم وسنّة الحبيب صلى الله عليه وسلم يهزّ أعماق من يسمعه ويحرّك سواكن من يراه ، آلى على نفسه ألاّ يستخدمها إلاّ في الإرشاد والتّربية والتّوحيد نحو العلم نحو المعرفة الشّرعيّة والحقيقة ومحبّة الوطن ومقوّماته تجذيرا للهويّة التونسيّة ذات الأبعاد العربيّة الإسلاميّة .

خمسون سنة قضّها بأيامها ولياليها المشحونة بالفقر وبالجهل وبالتنكير ، مادّا يديه للنّاس الّذين وجدوا فيه سكينة لاضطرابهم وراحة لقلقهم ونورا لظلامهم وراح يرقّق القلوب ويوحّد الصفوف ويشرح الصدور للفضائل متحدّيا العراقيل والصعوبات وأدرك بعلمه وخلقه وجلده ما صبا إليه فاكتمل بناء الطّريقة المدنيّة وضبط مرجعياتها بالحجّة وجدّد نواميسها وصحّح أرضيتها بأعمدة من الشّرع تاركا رصيدا من المؤلفات ذات القيمة العلميّة في شتّى المجالات من الحكم والمذكرات والتعاليم الطافحة بالدّعوى للصدق والثبات تاركا رجالا فحولا من الطراز الرّفيع ثبتوا على الولاء فكانوا فرسانا فيه ثبتوا على المنهج المدني فكانوا أسودا في الامتداد والوفاء وتكفي حوصلة هذه المرحلة بهذه المقالة الّتي أوردها الشّيخ محمّد بن محمّد بن عبد الله الباري الحسني التّونسي من كتابه الشهائد والفتاوي أقــــول إنّي مــمّن يعـــــرف فضيلة

الأستاذ محمّد المدني القصيبي التونسي ويعرف لهجته في الحقّ ونصيحته للخلق وعمله المتواصل فهو جدير أن يعدّ من أكابر العلماء العاملين والرجال الواصلين كيف لا وقد كرّس حياته على بثّ الإرشادات الدّينيّة والأخلاق النّبويّة إلى أن أحيا الله به بقاعا كانت للإهمال أقرب ، وأنعش به قلوبا كانت للقساوة أنسب .

الخمسون سنة الثانية من المائة ، هي سنوات المحافظة والتدعيم والتطوير(1959- 2010 للميلاد ) قضيتها بمكاتفة كبار الفقراء ومؤازرتهم أمثال سيّدي عبد الرّحمان النّيفر (توزر) وسيّدي عبد العزيد بوزيد(بوحجر) وسيّدي الطّاهر عبد الهادي (صفاقص) وسيّدي الحبيب بن عثمان(تونس) وسيّدي حسن الزّينة (بنّان) وسيّدي عبد القادر الميلادي(قصر هلال) وسيّدي المبروك(قصيبة المديوني) وسيّدي المختار الشبيلي(شراحيل) وسيّدي المولدي زيادية(منزل تميم) وسيّدي أحمد الغدامسي(قصيبة المديوني) والقائمة طويلة وبتوليّة من والدي الجسدي والرّوحي الشّيخ سيّدي محمّد المدني كتابة بوثيقة على يدي عدلي إشهاد موجودة بالزّاوية المدنيّة وبمصقلة الدّروس المتواصلة على يديه والتعايش اليومي معه والملازمة والسياحة مع حضرته وزيارة الشّيخ سيّدي أحمد العلاوي سنة 1954 للميلاد والحجّ سنة 1955 بصحــبته وبتلــقينه

إياي الاسم المفرد مرتين ، فبهذه الأهليّة آليت على نفسي تبليغ هذا الميراث الرّوحي والاعتناء به سيرا على نفس المنهج في الدّعوة إلى الله قصد المحافظة على هذه الطّريقة وتدعيم ثوابتها ومكتسباتها الجوهريّة وذلك رغم الهزّات والعراقيل الّتي شهدتها هذه المرحلة مع السعي إلى تطوير ما يقع عليه التجديد وإلباسه ثوبا جديدا . وذلك :

-1- بالمحافظة على أصول الطّريقة المدنيّة بعيدا عن كلّ ملابسات الباطل والتّزييف ثباتا على طرح مؤسسها مع الذود عنها ضدّ كلّ محاولات المغالطة أو التّبديل أو إخراجها عن خطوط الشّريعة قصد التّشويه بدوافع المآرب الشائنة .

-2- بطبع المؤلفات الّتي خلفها الشّيخ سيّدي محمّد المدني بعد تحقيقها ومنها ما ترجم إلى اللغات الفرنسيّة والأنقليزيّة .

-3- بمواصلة الاحتفالات بالمولد النّبوي الشّريف الّتي ابتدأت سنة 1929 للميلاد لتستمرّ جمعا للفقراء في احتفالات كبرى وتحقيقا للوحدة والتفافا حول هذا المنهج الصّوفي الصّافي .

-4- ببذل الجهود كتابة من خلال خطب الموالد والدّراسات والمحاضرات لتوثيق ثوابت هذه الطّريقة وشرحا لفكر الشّيخ محمّد المدني وتوســــيعا للمعارف

لدى المريدين نفضا عنهم غبار التأويلات الخاطئة وترسيخا للمعرفة الدّينيّة الجليّة ، ومشافهة من خلال المذاكرات المتواصلة في كلّ مكان وزمان ممّا أدّى إلى انتماء أجيال جديدة من المريدين لهذه الطّريقة .

-5- تقويّة الرّوابط بين الطّريقة المدنيّة والتّطورات الّتي تشهدها مجلات الحياة فقد تمّ التوثيق التاريخي بوسائل الإعلام المتطورة وتمّ فتح القنوات بين الزّاوية المدنيّة والمؤسـسات الجــامعيّة فانكــبّ الباحـــثون في
انجاز أبحاث أكادميّة حول الطّريقة وخصوصيتها ، وتمّ نشر الطريق المدني في أوروبا وأمريكيا اللاتينيّة وإنشاء مــوقــع الكــتروني إضــافة إلى التعـــامــل مع وســـائل الإعــــلام المـــرئيّة والمـــكـتـوبــة والمسمــــوعة داخليّا وخارجيّا .

إنّ السّعي لا يزال مطّردا بعد هذا القرن لتتواصل الخطوات إلى آفاق أرحب ، والأذرع مفتوحة والقلوب مفتّحة إلى الصادقين المتوجهين الرّاغبين في النّهل من هذه المدرسة ومسؤوليتنا جميعا جسيمة حتّى نحافظ على هذا الإرث بعيدا عن الشخصنة بعيدا عن المغالات والتّطرف ، بعيدا عن التّشويهات ، بعيدا عن المآرب المادّية الملوثة ، ونسير بين خطى الشّريعة والحقيقة والإنتماء الوطني متوجّهين نحو علاّم الغيوب بأصدق القلوب .

اللّهــمّ صلّ وسلّـم وبـــارك عــلى سيّدنا ومـــولانا محــمّد،وعلــى آل سـيّدنــا محــمّد الّذي ظــهرت حــرمـتـه في عــرصات القـــيامة ونالـت أمّتــه الخــطــوة والـكـرامـة .

من نــوره خـــلـق الله الـــورى فــســـرى ** لآدم وبــــعـــبـد الله مـــــــوصــــــــــــــــــول

نعــم الظـهـور البطـــــون الحــــاملات له ** يــــا حـــــــبّذا حــــــامـــل مــــنـه ومــحمول

كـــم مـــن دلائــــل جــــاءت فــــي نبوّته ** إنّ النّــــــــهـــار لـشــمـــــــــس مــدلــــــول

سادتي الأعزاء من علياء قدسه الأسنى خاطب الحقّ جلّ جلاله صفيّه وحبيبه صلوات الله وسلامه عليه على سبيل الامتنان والتثبيت لقلبه الشّريف وناجاه بلسان التّمجيد والملاطفة قائلا:”[green] إنّ فتحنا لك فتحا مبينا[/green] ” فكانت هذه الآية من لطائف المخاطبات ولذيذ المؤانسات ففيها اسند الفتح الرّباني إلى نون العظمة فقال فتحنا حتّى تظهر فخامة الفعل ، وإيراده بصيغة الجمع تشريفا لذات المصطفى صلى الله عليه وسلم كما عبّر عنه بصيغة الماضي للإيذان بتحقّقه لا محالة تأكيدا للتبشير والملاطفة فالله تعالى هوّ الّذي فتح بذاته العليّة ما استغلق من العلوم والهدايات على فــــؤاده الشّريف صلى الله عليه وسلم.

ولم يوكل هذا الفعل لأحد من العالمين ، وأمّا المفتوح عليه فهو سيّد العارفين الّذي فتحت له طرائق الخيرات ولطائف المعارف والبيّنات ، ورقائق الوصول والتّجليات وأسرار الهداية والكمالات فكان فؤاده الشّريف محلّ ذلك الفتح فيه عرف ربّه وشاهد جماله القديم ، ولعظمة المفتوح عليه صلى الله عليه وسلم حذف الخطاب الرّباني مفعول الفتح وأثبت بقوله : ” لك” ملكية الفتح للمصطفى عليه الصّلاة والسّلام ودوامه له فكأنّما انفتاح مستغلق العلوم الربّانيّة والهدايات الأحديّة مقام ثابت مملوك له وحده . وأمّا موضوع الفتح فقد حذف من الخطاب لأنّ القصد هو الإمتنان بذكر فتح قلب سيّد الوجود صلى الله عليه وسلم لأنّ مناط التّبشير والإيناس هو نفس الفتح الصادر عنه سبحانه وتعالى، فحقيقة الفتح أنّ الله أباح لحبيبه ما في الملكوت من الرّحمات ومنحه ما فيه من عليّ التّجليات ، وأعطاه رفيع المعرفة وكريم المشاهدات حتّى ما يبقى في ملكه ولا ملكوته باب من الخير والهداية إلاّ كان مفتوحا لسيّد السّدات

فصلّوا على سيّدنا محمّد وزيدوا في محبّته

قال الشيخ سيّدي محمّد المدني رحمه الله : الفتح المبين هو مشاهدته لذات مولاه وتمتعه برؤية جماله وسناه وغيبته فيه عن كل ما سواه حتّى قال :[green] لي وقت لا يسعني فيه إلاّ ربّي[/green] ، وزاد الله المصطفى صلى الله عليه وسلم تكريما في شهوده وتثبيتا له في الغيبة عن وجــوده أن

جعل الفتح مبينا أي بيّنا واضحا لا تحتمل فيه عودة الإستغلاق ولا يعتريه شيء من شوائب الإفتراق بل هو فتح ماحق للحجب مثمر لعبارات الشّهود حتّى يفصح المصطفى عمّا عاينه في مقامات الأصول فيورثه الى أهله أصحاب المكاشفات والهدايات ذلك أنّ ما من فتح يناله المريد على يد شيخ سالك إلا وهو مستمد من ذلك الفتح الرّباني الأول الذي نال فؤاده الشريف فهو السراج المتوّقد والكل منه مقتبس بل هو المفتاح الأعلى الذي يفك ما استغلق ، غاية الطّريقة المدنيّة ايصال الفقراء المتجهين الى التّمتع بجمال المعبود والتّحلي بيقين المعرفة التي يفتح الله بها بعد أن تتطهر القلوب من أدرانها وتصفو من كدراتها وبذلك الفتح تلج رياض الغيوب وتفكّ مااستغلق من غامض الفهوم والإيشارات حتّى تنكشف الحقيقة ظاهرة جليّة لا خفاء فيها وتتطلع الأرواح على الأسرار اللطيفة التي بها حياتها . فالفتح المبين المشار إليه في هذه الآية هو أعلى المقامات وأعلاها وأفضل من نالها هو الحبيب عليه الصّلاة والسّلام ومن فؤاده الزكّي انتقل إلى كلّ من نوّر الله قلبه بالذّكر والطّاعة وكلّ عمل مبرور .

فصلّوا على سيّدنا محمّد يا كلّ من سمعا

اللّهم صلّ وسلّم على سيّدنا ومولانا محمّد وعلى آل سيّدنا محمّد الذي ألبسه الله حلّة التّوحيد والاصطفاء وسقاه الله شراب الصّدق والوفاء .

سرى إلى العرش بـــعـد القــــــدس ثمّ أتى ** إلى البـــــطاح وستــــــر اللــــــــــيل مسدول

وزجّ بالمـــصطفى فــــي النّور منـــــــفردا ** حتّــــى رأى ربّــــه والكـــــيف مجـــــــــهول

عليــــــك أزكى صــــلاة الله وهـــــــي لنا ** مــــــــسك الخــــــــتام بها للخــــــــير تكميل

يا أمة أشرف المخلوقات ، روى ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال : لمّا قربت وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر أن ينادي النّاس للصّلاة فنادى فاجتمع المهاجرون والأنصار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلّى ركعتين خفيفتين بالنّاس ثمّ صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وخطب خطبة بليغة وَجِلَتْ منها القلوب وبكت منها العيون ثمّ قال : يا معشر المسلمين إنّي كنت لكم نبيّا وناصحا وداعيا إلى الله بإذنه وكنت لكم كالأخ المشفق والأب الرّحيم من كانت له عندي مظلمة فليقم وليقتصّ منّي قبل القصاص في القيامة فلم يقم إليه أحد حتّى قام ثانيا وثالثا ، فقام رجل يقال له عكاشة بن محصن فوقف بين يدي النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال فداك أبي وأمــي يا رسول الله

ولولا أنّك ناشدتنا مرّة بعد مرّة ما كنت أقدم على شىء من ذلك ، ولقد كنت معك في غزوة بدر جاورت ناقتي ناقتك فنزلت عن الناقة ودنوت منك حتّى أقبل فخذك فرفعت القضيب الذي تضرب الناقة للسرعة في المشي وضربت به خاصرتي فلا أدري أعمدا كان منك يا رسول الله أم أردت به ضرب ناقتك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حاشا يا عكاشة أن يتعمدك رسول الله بالضّرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال يا بلال انطلق إلى منزل فاطمة فأتني بقضيبي فخرج بلال من المسجد ويده على رأسه فقال: هذا رسول الله أعطى القصاص
من نفسه فقرع باب فاطمة فقالت من على الباب؟ فقال جئتك لقضيب رسول الله ، فقالت فاطمة ما يصنع أبي بالقضيب ؟ فقال يا فاطمة إنّ أباك يعطي القصاص من نفسه فقالت فاطمة يا بلال من الذي يطيب قلبه أن يقتصّ من رسول لله ؟ فأخذ بلال القضيب ودخل المسجد ودفع القضيب إلى رسول الله ، والرّسول دفعه إلى عكاشة فلمّا نظره أبو بكر وعمر قاما فقالا يا عكاشة نحن بين يديك فاقتصّ منا ولا تقتصّ من النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله أقعدا قد عرف الله تعالى مكانكما ، فقام عليّ رضي الله عنه فقال: يا عكاشة أنا في الحياة بين يدي النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يطيب قلبي أن تقتصّ من رسول الله عليه الصّلاة والسّلام فهذا ظهري وبطني فاقتصّ منّي بيدك وجلدني بيدك فقال عليه الصّلاة والسّلام قد عرف الله مكانتك ونيتك ، فقام الحسن والحسين فقالا

يا عكاشة ألست أنت تعرفنا أننا سبــطا رســـــول الله، والقصاص منا كالقصاص من رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم أقعدا يا قرّة عيني ، ثمّ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم يا عكاشة اضرب إن كنت ضاربا ، فقال : يا رسول الله ضربتني وأنا عار عن ثوبي، فكشف رسول الله عن ثوبه فصاح المسلمون بالبكاء . فلمّا نظر عكاشة إلى بياض جسم الرّسول انكبّ عليه وقبّل ظهره وقال فداك روحي يا رسول الله من يطيب قلبه أن يقتص منك يا رسول الله وإنّما فعلته رجاء أن يمسّ جسمي جسمك الشّريف ويحفظني ربّي بحرمتك من النّار ، فقال عليه الصّلاة والسّلام ألا من يحبّ أن ينظر إلى أهل الجنّة فلينظر إلى هذا الشّخص فقام المسلمون يقبّلونه بين عينيه يقولون طوبى لك نلت الدرجات العلى ومرافقة محمّد عليه الصّلاة والسّلام في الجنّة .

والسـّـــــــلامُ عَليكُم ورَحمَة اللهِ وبَرَكَاتُه