شَاهِدٌ وشَهيدٌ صلى الله عليه وسلم

1. ومن أسْمائِه، صلى الله عليه وسلم، شَاهِدٌ وشَهيدٌ، ومَعناهما متقارِبٌ، يدلُّ على مَن يَشهَد على نفسه أو على غَيره، أيْ إنَّ النَّبيَّ، عليه الصلاة والسلام، سَيَشهدُ، يومَ القيامة، عَلى أمَّته وعلى الأنبياء من قَبْله، ويُدلي بتلكَ الشهادة بَينَ يَدَي الله عزَّ وجل، وهذا من مظاهر الشَّرَف والعِزَّة. يَقول الله تعالى في مُحكم تَنزيله، وهو أصدق القائلين: “وَكذلك جَعَلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداءَ على الناس، ويَكون الرسول عليكم شهيدا“، (البقرة: 143)، ويقول أيضًا: “يا أيها النبي إنَّا أرسلناك شاهدًا ومبشرا ونذيرًا” (الأحزاب: 45)، صدق الله العظيم.

2. فَسَيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، يَشهد يَومَ القيامة بتبليغ الأنبياء رسالاتِ الله إلى الأمَم التي أرسلوا إليها، ويَشهَد على أمته بوصول رسالته الكريمة إلَيْهم، وكذلك يَشهد لَهم بالإيمان بدعوته، فقد أخْرَج ابن ماجه: حَدثنا أبو كريب وأحمد بن سنان قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَجيء النبي يوم القيامة ومَعه الرجل، ويَجيء النبي ومعه الرجلان ويجيء النبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم. فيدعى قومه فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون: لا فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته فتدعى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون: نعم فيقول: وما علمكم بذلك؟ فيقولون: أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بذلك أن الرسل قد بلغوا فصدقناه. قال فذلك قوله تعالى: “ وكَذلكَ جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا“. (البقرة : 143)، .

3. وذكره البخاري أيضًا بمعناه عن أبي سعيد الخُدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُدعى نوحٌ يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيقال لأمته: هَل بَلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته فيشهدون أنه قد بلغ، فذلك قوله: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا.

4. وأخرجه ابن المبارك في رقائقه مرسلًا فقال: أخبرني رشدين ابن سعد قال: أخبرني ابن أنعم المغافري عن حبان بن أبي جبلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله عباده يوم القيامة كان أول من يدعى إسرافيل عليه السلام، فيقول له ربه: ما فعلت في عهدي هل بلغت عهدي؟ فيقول: نعم قد بلغت جبريل فيدعى جبريل عليه السلام فيقول: هل بلغك إسرافيل عهدي؟ فيقول: نعم يا رب قد بلغني، فيخلي عن إسرافيل، ويقال لجبريل هل بلغت عهدي؟ فيقول جبريل: نعم قد بلغت الرسل فيدعي الرسل فيقول: هل بلغكم جبريل عهدي؟ فيقولون: نعم. فيخلي عن جبريل، ثم يقال للرسل هل بلغكم عهدي؟ فيقولون: قد بلغنا أممنا، فتدعى الأمم فيقال لهم: هل بلغكم الرسل عهدي؟ فمنهم المصدق ومنهم المكذب فتقول الرسل: إن لنا عليهم شهودًا يشهدون أن قد بلغنا مع شهادتك فيقول: من يشهد لكم؟ فيقولون محمد وأمته فتدعى أمة محمد فيقول: تشهدون أن رسلي هؤلاء قد بلغوا عهدي إلى من أرسلوا إليه؟ فيقولون: نعم، رب شهدنا أن قد بلغوا، فتقول تلك الأمم كيف يشهد علينا من لم يدركنا فيقول لهم الرب: كيف تشهدون على من لم تدركوا؟ فيقولون: ربنا بعثت إلينا رسولا، وأنزلت إلينا عهدك وكتابك وقصصك علينا إنهم قد بلغوا فشهدنا بما عهدت إلينا، فيقول الرب: صدقوا. فذلك قوله عز وجل: “وكذلك جعلناكم أمة وسطًا”، والوسط العدل لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيد قال ابن أنعم: فبلغني أنه يشهد يومئذ أمة محمد إلا من كان في قلبه حنة على أخيه.

5. وأورد الإمامُ القرطبي في تفسيره عن عبادة ابن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أعطيت أمتي ثلاثا لا تعط إلا للأنبياء ، كان الله اذا بعث نبيا قال له ادعني استجب لك وقال لهذه الامة أدعوني استجب لكم ، وكان الله اذا بعث نبي قال له ما جعل عليك في الدين من حرج وقال لهذه الأمة وما جعل عليكم في الدين من حرج وكان الله اذا بعث نبي جعله شهيدًا على قومه وجعل هذه الأمة شهداء على الناس – فصلوا على سيدنا محمد يا كل من سمع.

6. وهو، عَلَيه الصَّلاة والسلام، يَشهد عَلى مُحِبّيه بِصدق المَحَبَّة والهُيام، ويُقرهم على ما بدر منهم من أفانين الصَّبَابَة والغَرام، ويهنئهم بِبُلوغ المرام، مَاداموا محافظين على عهودِ الكِرام، فَصلوات الله وسلامه عليه إلى يَوم الزِّحام.

الشيخ محمد المنور المدني
02 مارس 2017

مُحَمَّدٌ، صَلَّى الله عليه وسَلَّم

1. وأوَّلُ أسْمائه الشريفة،صلى الله عليه وسلم، وأحْلاها، وأعلقها بالقُلوب وأعْلاها، اسمُ:...

إسم الرسول، سِرَاجٌ صَلَّى الله عليه وسلم

1. ومِن أسْمَائِه الشَّريفة، صَلَّى الله عليه وسلم، : "سِراجٌ"، وهو المِصباحُ المُضيءُ، الذي مِنه...

إسم الرسول رَؤوفٌ، عليه الصلاة والسلام

1. ومن أسْمائه الشريفة، صلى الله عليه وسلم، رَءوفٌ، وهو اسمٌ وردَ في صيغة مبالغةٍ من الرأفة، أي...